“ابن خلدون" وكان أكثر العرب الذين نزلوا هذه الأمصار جفاة لم يستكثروا من صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا هذبتهم سيرته وآدابه ولا ارتاضوا بخلقه، مع ما كان فيهم في الجاهلية من الجفاء والعصبية والتفاخر والبعد عن سكينة الإيمان. وإذا بهم عند استفحال الدولة قد أصبحوا في ملكة المهاجرين والأنصار من قريش وكنانة وثقيف وهذيل وأهل الحجاز ويثرب السابقين الأولين إلى الإيمان، فاستنكفوا من ذلك وغضوا به، لما يرون لأنفسهم من التقدم بأنسابهم وكثرتهم، ومصادمة فارس والروم مثل قبائل بكر بن وائل وعبد القيس بن ربيعة وقبائل كندة والأزد من اليمن وتميم، وقيس من مضر”
“إن هذه الافتراءات تبين بجلاء ذلك الحقد الدفين الذي انطوى عليه قلوب هؤلاءالخوارج من الموتورين و الأعراب الأجلاف حتى ظنوا أنهم أعلم بالدين و الكتاب و السنة من عثمان رضى الله عنه و هو من السابقين الأولين الذين عاصروا الدعوة من بدايتها”
“و كانت عائشة كثيرا ما ترددقولها :" غضبت لكم من سوطعثمان ، أفلا أغضب له من سيوفكم؟!" و لهذا فقد دفعهم هذا الشعور بالتقصير و الإحساس بالذنب إلى ما أداهم إليه إجتهادهم وهو النهوض للقصاص من قتلة عثمان رضى الله عنه، و هو إن كان اجتهاداً جانبه الصواب ، إلا أن ذلك لا يقدح في شخصياتهم فالصحابة ليسو معصومين من الخطأ و هم لم يكونوا يتعمدونه أو ينوون به شراً”
“لقد كان ابن السوداء يمثل تيارا خفيا خطيرا يعمل بتخطيط محكم ، و تدبير خبيث لتدمير الدولةالإسلامية، و لقد صادف هذا التدبير الماكر أرضا خصبة بين العرب الذين أسلموا متأخرين ،و كانوا لا يزالون متأثرين بعصابيتهم وبداوتهم، يأكلهم الحقد على شيوخ الصحابة الذين أصابوا- بسبقهم إلى الإسلام و جهادهم- مغانم شرعية، و مناصب في الدولة ، فأراد هؤلاء الأعراب أن يكون لهم مثلها بلا سبق ولا جهاد، كما كان منهم الموتورون بسبب ما أقيم على بعض أقربائهم من حدود شرعية”
“كان ابن سبأ يهوديا من صنعاء ، و كانت أمه سوداء ولهذا قيل له "ابن السواء" . و قد كان هذا اليهودي يمتلئ حقدا على الإسلام والمسلمين فبيت في نفسه أمراً لتخريب دولةالإسلام”
“لقد كان القصد من دراسة الفتنة في عهد عثمان بيان أهم جوانبها وملابساتها و دوافعها و دلالاتها، حتى يمكن معرفة الصلة بين تلك المؤامرة و مجريات الحوادث في تاريخ الدولةالأموية، فلقد ألقت حركةالخوارج في عهد عثمان بظلالها الكثيفة على مالحقها من أحداث في الدولة الأموية . بل في ناريخ الأمةالإسلامية حتى يوم الناس هذا.”
“ثم قال -يقصد ابن سلبأ- لهم بعد ذلك: إن عثمان أخذها بغير حق، وهذا وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانهضوا في هذا الأمر فحركوه ، و ابدؤوا بالطعن على أمرائكم وأظهروا الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر فإنكم تستميلون بذلك قلوب الناس”