“لقد كان فكر " السلطة الدينية " , وكذلك " تطبيقاتها " , في حضارتنا العربية الإسلامية النقطة السوداء التى مثلت الشذوذ الذي يثبت قاعدة : رفض الإسلام لهذا الفكر و إنكار الأمة و عامة مفكريها لتطبيقاته .. فظلت هذه الدعوى , في سماء حضارتنا وتاريخنا, سحابة صيف , لم تتجسد في مؤسسات, و لم يجتمع حولها جمهور , و لم يقم لها ـ باستثناء الشيعة ـ مذهب في إطار مذاهب الإسلاميين . وإنما وقفت عند حد الشبهات !”
“فبينما كانت نظرية " الحق الإلهي " في أوربا دالمسيحية التبرير للسلطة الظالمة, كانت عن الشيعة في الحضارة العربية الإسلامية : التعبير عن الشوق إلى قلب السلطة الظالمة, و الاتيان بدلاً منها بسلطة العدل الإلهي .. كانت الرفض للظلم, والحلم بسلطان ذلك الإمام الذى اختاره الله, وصنعه على عينه, و وهبه العلم غير المحدود, وعصمه ـ كالرسل والأنبياء ـ من الخطأ والضلال .. و الذى سيملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جورا .. !”
“منذ فجر الدولة الإسلامية الأولى ـ دولة النبوة.. بالمدينة المنورة ـ كان القضاء المستقل سلطة من سلطات هذه الدولة.. فالقاضي ملتزم بالكتاب وبالسنة، فإن لم يجد فيهما نص، اجتهد في الحكم.. أي أنه مستقل ـ بالاجتهاد ـ في قضائه، داخل إطار البلاغ القرآني والبيان النبوي لهذا البلاغ.. وفي تقنين هذا المبدأ ورد حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع معاذ بن جبل، عندما عينه قاضيًا باليمن.. وسأله: "كيف تقضي؟.. فقال: أقضي بكتاب الله... فقال الرسول: فإن لم يكن في كتاب الله؟.. قال معاذ: فبسنة رسول الله.. فقال الرسول: فإن لم يكن في سنة رسول الله؟.. فقال معاذ: اجتهد رأيي.. فقال الرسول: الحمد لله الذي وفق رسول الله".”
“ولا يحسبن البعض أن حب الوطن الصغير - الإقليم - مرهون بسيادة كامل الإسلام في دولته و مؤسساته و حياته .. ذلك أننا إذا لم نحب الأوطان التى تشوب الشوائب إسلامية نظمها , والتى خلطت دولها عملا صالحاً بآخر سيئ, فلن نخلص الجهاد في سبيل تحريرها من هذا الذي طرأ على الإسلام فيها .. و إلا فكيف أجاهد في سبيل وطن لا أحبه ؟!”
“عندما تزوَّر إرادة الأمة في الإنتخابات و يستولي السماسرة وأصحاب المليارات علي تقاليد الحكم بقوة التغلب و أجهزة القمع , يصبح منطق القوة - بل و البلطجة - هو السائد في حكم البلاد و العباد ! .. ولذلك , لم يكن غريباً استعانة نظام العار الذي حكم مصر علي امتداد ثلاثة عقود - سبقت ثورة ( 25 يناير 2011 ) - بالبلطجية في إنجاز المهام وتأديب المعارضين .. بل لقد كانت هذه الإستعانة سمة وخطيئة من خطايا هذا النظام !!”
“يفرض الإسلام ويوجب أن تكون الشورى , شورى الجماعة , هى الفلسفة والآلية لتدبير الأمور .. سواء كان ذلك في داخل مؤسسات الدولة أو في العلاقة بين هذه المؤسسات وبين جمهور الأمة ..”
“فمنذ فجر الصحوة الإسلامية الحديثة ـ التى يسمونها " الأصولية " ـ كان تحرير ثروات العالم الإسلامي من الاستغلال الغربي هدفاً رئيسياً من أهدافها, أما " الدروشة " والوقوف عند التدين الشكلي, بإطالة اللحى , وتقصير الثياب و استفراغ الطاقات والأوقات في الجزئيات والثانويات .. فهو ما يسعد به ويتعايش معه هؤلاء الذين يشنون الحرب الصليبية على الإسلام, لأنهم يدركون المقاصد الحقيقية لصحوة الإسلام . ــ محمد عمارة " الغرب والإسلام أين الخطأ ؟ و أين الصواب ؟”