“المالنخوليا هي "وعكة روحية" أو "هستيريا روحية" تجابه الإنسان بهاوية من الفراغ والخلو من المعنى، وتكشف عن القلق والإنفصام في وجوده. لكن الفرد المعرض لأحوال الملل والمالنخوليا المقلقة غالباً ما يرفض قبول حالته، ولهذا يسعى لإخفائها بألوان من النشاط الملهي المتنوع.ثم يصل إلى اليأس، وهو تعبير عن التهديد بالخواء وانعدام المعنى، وهو أوج النمط الحسي في الوجود.”
“لكن هناك عاطفة أهم من الضجر فيها يتجلى العدم أبرز ما يتجلى.وهي القلق. والقلق ليس هو الخوف، لأن الخوف هو دائماً خوف من شيء معين، أما القلق فيتعلق بالأشياء كلها في مجموعها.وليس القلق هو الذي يوجد العدم، إن صح هذا التعبير، بل هو فقط الذي ينبه الإنسان إلى وجوده.ولهذا لابد للإنسان أن يعيش في القلق ليتنبه إلى حقيقة الوجود.ذلك أن الإنسان بطبعه يميل إلى الفرار من وجه العدم الماثل في صميم الوجود وذلك بالسقوط بين الناس وفي الحياة اليومية الزائفة، ولكي يعود إلى ذاته لابد من قلق كبير يوقظه من سباته.والقلق على نوعين: قلق من شيء، وقلق على شيء.والموجود في العالم يقلق على إمكانياته التي لن يستطيع مهما فعل أن يحقق منها غير جزء ضئيل جداً: أولاً لأن التحقيق يقتضي الإختيار لوجوه والنبذ لسائر الوجوه. وثانياً: لأن ثمة حقيقة كبرى تقف دون استمرار التحقيق ألا وهي: الموت.”
“والأصل في السؤال عن الحرية وهل أنا حر هو أنني أريد أن أكون حراً. ولهذا فإن إمكان الحرية ناشيء من إرادتي للحرية. فالحرية ليست شيئاً يحتاج إلى برهان، بل هي قراري أنا أن أكون حراً.وإذن لا تأتي الحرية من خارج، ولا تحتاج إلى شيء لإثباتها، بل يكفي أن أقرر أنني حر كيما أكون حراً.”
“كما أنه بالنسبة إلى الشهواني كل فتاة هي امرأة بوجه عام، فكذلك بالنسبة إلى المفكر العقلي: كل حقيقة تنحل إلى مقولات عامة.والتفكير النظري لا يرى غير الحركة العامة للتاريخ مفسرة خلال توسط المقولات المنطقية، ولكنه ينسى الفرد الذي يدرك نفسه في داخل تاريخه العيني الجزئي.وهكذا نجد أن كلاً من رجل اللذات والمفكر العقلي يتهرب من مسئولية اتخاذ قرار، وكلاهما يغازل مملكة الإمكان، لكنه لايقفز في الوجود.لذا ترى العقليين قادرين على التوسط للمسيحية والوثنية، وقادرين على اللعب بقوى التاريخ الماردة، لكنهم عاجزون عن أن يبينوا لرجل بسيط ما ينبغي أن يفعله في الحياة. بل لا يعرفون ما ينبغي عليهم هم أنفسهم أن يفعلوه.”
“أوصى كيركجور بأن تنقش على قبره عبارة: أن الذات الإنسانية ليست هي الإنسانية بوجه عام، فإن الإنسانية لاتوجد، وإنما الكائنات الإنسانية الفردية هي الموجودة. والواقع الوجودي لايقوم في الجنس أو النوع بل في الفرد العيني. والكليات شأنها شأن الجماهير، هي تجريدات لاأيادي لها ولا أرجل.”
“إن كيركجور لم يكن أبداً خصماً للتفكير، إنما هو ألح فقط في توكيده أن التفكير ينبغي أن يوضع في الوجود، بعد أن أفسده هيجل بالتجريد.”
“وقد أجمع علماء الاجتماع والأخلاق والتّربية على أنّ الإقناع خيرٌ من التّرغيب فضلاً عن التّرهيب، وأنّ التّعليم مع الحرّيّة بين المُعلّم والمتعلّم، أفضل من التّعليم مع الوقار، وأنّ التّعليم عن رغبة في التّكمّل أرسخُ من العلم الحاصل طمعًا في المكافأة، أو غيرةً من الأقران.”