“كان التاريخ شيئاً فأصبح شيئاً آخر ، توسط بينهما وليدٌ مستهل في مهده بتلك الصيحات التي سُمعت في المهود عداد من هبط من الأرحام إلى هذه الغبراء .. ما أضعفها يومئذٍ صيحاتٍ في الهواء .. ما أقواها أثراً في دوافع التاريخ .. ما أضخم المعجزة . وما أولانا أن نؤمن بها كلما مضت على ذلك المولد أجيالٌ وأجيال .”
“محمد في نفسه عظيمٌ بالغ العظمة ، وفاقاً لكل مقياس صحيح يقاس به العظيم عند بني الإنسان في عصور الحضارة .فما مكن هذه العظمة في التاريخ ؟ ما مكانها في العالم وأحداثه الباقية على تعاقب العصور ؟مكانها في التاريخ أن التاريخ كله بعد محمد متصلٌ به مرهونٌ بعمله ، وأن حادثاً واحداً من أحداثه الباقية لم ليكن ليقع في الدنيا لولا ظهور محمد وظهور عمله.”
“الرعايا تحتسب للملوك تواضعاً ما ليس بتواضع في الواقع. فلو علم الملك الذي يتنزل إلى مخاطبة السوقة أن في ذلك ما يغض من قدره بل لو علم أنه لا يرفع مكانته عندهم ما فعله”
“من الحقائق التي لا يحسن أن تغيب عنا ونحن نقدر الأبطال من ولاة العصور الغابرة أنهم أبناء عصورهم وليسوا أبناء عصورنا , وأننا مطالبون بأن نفهمهم في زمانهم وليسوا هم مطالبين بأن يشبهوننا في زماننا , وأن الرجل الذي يصنع في عصره خير ما يصنع فيه هو القدوة التي يقتدي بها أبناء كل جيل , ولا حاجة به إلى إقتداء بنا, ولا أن يشق حجاب الغيب لينظر إلينا ويعمل ما يوافقنا ويرضينا .”
“أكبر الموانع في سبيل العقل "عبادة السلف" التي تسمى بالعرف والإقتداء الأعمى بأصحاب السلطة الدينية ، والخوف المهين من أصحاب السلطة الدنيوية .. والإسلام لا يقبل من المسلم أن يلغي عقله ليجري على سنّة آبائه وأجداده ولا يقبل منه أن يلغي عقله خنوعا لمن يسخره باسم الدين في غير ما يرضي العقل والدين ولا يقبل منه أن يلغي عقله رهبة من بطش الأقوياء وطغيان الأشداء ولا يكلفه في أمر من هذه الأمور شططا لا يقدر عليه إذ القرآن الكريم يكرر في غير موضع أن الله لا يكلف نفساً ما لا طاقة لها به، ولا يطلب من خلقه غير ما يستطيعون..”
“إن العقل الإنساني لا يصاب بآفة أضر له من الجمود على صورة واحدة يمتنع عنده كل ما عداها. فإما أن تكون الأشياء عنده كما تعودها وكرر مشاهدتها إما أن تحسب عنده في عداد المستحيلات، وأدنى من هذا العقل إلى صحة النظر عقل يتفتح لإحتمال وجود الأشياء على صور شتى لا يحصرها المحسوس والمألوف..”
“إن نفوري من الوظيفة الحكومية في مثل ذلك العهد الذي يقدسها كان من السوابق التي أغتبط بها وأحمد الله عليها.. فلا أنسى حتى اليوم أنني تلقيت خبر قبولي في الوظيفة الأولى التي أكرهتني الظروف على طلبها كأنني أتلقى خبر الحكم بالسجن أو الأسر والعبودية”