“والخوف من الله عاطفة تدل على شرف النفس، ويقظة الحس، وامتلاك الزمام فى الساعات الحرجة، وإنه لرجل جدير بكل احترام ومثوبة هذا الذى يستمكن مما يشتهى، ثم يمتنع عنه وهو خال لا لشىء إلا لأن الله يراه.”
“الخوف من الله عاطفة تدل على شرف النفس، ويقظة الحس، وامتلاك الزمام في الساعات الحرجة.”
“ولكى يكون الجهاد النفسى صادقا لابد أن يجىء تنفيذا لخطة رسمتها الشريعة، وبينت معالمها بوضوح.ومن هنا فالجهاد المقبول لا موضع له إلا إذا كان انتهاء عن حرام أو انتهاضا إلى واجب.الجهاد المقبول هو الذى يسبك النفس فى بوتقته لتصفو من درنها ثم تصاغ وفق القالب الذى أراده الله لها.الجهاد المقبول هو الذى يستهدف وجه الله فى كل حركة ويتحرى حكمه فى كل وجه.وكل جهاد ننهى صلته بالله فهو مردود على أصحابه...”
“المؤمن الحق ٬ لا يكترث بأمر ليس له من دين الله سناد. وهو ٬ فى جرأته على العرف والتقاليد ٬ سوف يلاقى العنت. بيد أنه لا ينبغى أن يخشى فى الله لومة لائم ٬ وعليه أن يمضى إلى غايته ٬ لا تعنيه قسوة النقد ٬ ولا جراحات الألسنة . والباطل الذى يروج حينا ٬ ثم يثور الأقوياء عليه فيسقطون مكانته. لا يبقى علي كثرة الأشياع أمدا طويلا ٬ ورب مخاصم اليوم من أجل باطل انخدع به ٬ أمسى نصيرا لمن خاصمهم ٬ مستريحا إلى ما علم منهم ٬ مؤيدا لهم بعد شقاق . عن ابن عباس رضى الله عنهما. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من أسخط الله في رضا الناس سخط الله عليه . وأسخط عليه من أرضاه فى سخطه ! ومن أرضى الله فى سخط الناس رضى الله عنه . وأرضى عنه من أسخطه فى رضاه !! حتى يزينه ويزين قوله وعمله فى عينيه “ . فليجمد المسلم على ما يوقن به وليستخف بما يلقاه من سخرية واستنكار عندما يشذ عن عرف الجهال ٬ويخط لنفسه نهجا ٬ يلتمس به مثوبة الله عز وجل ٬”
“والخطأ فى حق الله لا يداويه إلا اعتذار المخطئ نفسه.فلو اعتذر عنه أهل الأرض جميعا، وفى مقدمتهم النبيون، وبقى هو على عوج نفسه فلن يقبل عنه اعتذار، ولن ينفعه استغفار.لابد أن يجثو المذنب فى ساحة الرحمن ثم يهتف من أعماق قلبه: (رب اغفر وارحم، وأنت خير الراحمين)ليؤمل ـ بعد ـ فى مغفرة الله ورحمته.”
“ومن حق الله الذى خلق أن يُعرف ويُعبد.ومن حق الله الذى رزق أن يُذكر ويُشكر.ومن حق الله الذى يعلم السر وأخفى أن يُراقب وأن يُستحى من مخالفته.ومن حق الله الذى يرث الأرض ومن عليها أن يستعد الخلائق للقائه.وكل تفريط فى هذه الحقوق رذيلة كبيرة، فمن عاش مقطوع الصلة بالله، فارغ القلب من شكره، خالى البال من مراقبته، عديم الاستعداد للقائه فهو مهما ارتقى من نواح أخرى حيوان غادر خبيث، وكفره هذا خيانة عظمى تزهد سوءتها بكل ما ينسب إليه من كمال.”
“أذكر أننى تجولت فى مصانع السكر، ورأيت الأنابيب الطافحة بالعصير، والأفران المليئة بالوقود، والآلات التى تغطى مساحة شاسعة من الأرض، لقد قلبت البصر هنا وهنالك ثم قلت: سبحان الله ! إن بطن نحلة صغيرة يؤدى هذه الوظيفة .. وظيفة صنع السكر دون كل تلك الأجهزة الدوارة والضجيج العالى ! وخيل إليّ أن المخترعات البشرية لا تعدو أن تكون إشارة ذكية إلى ما يتم فى الكون بالفعل من عجائب دون وسائط معقدة وأدوات كثيرة . ولو أن البشر أرادوا بناء مصنع للف الحبات النضيدة فى سنبلة قمح بالقشرة التى تحفظ لبابها لاحتاج الأمر إلى حجرة كبيرة تحت كل عود ! لكن ذلك يحدث فى الطبيعة فى صمت وتواضع ! والمقارنة التى عقدناها هنا تجاوزنا فيها كثيراً، فإن الإنسان المخترع هو بعض ما صنع الخلاق، والمواهب الخصبة فيه بعض ما أفاء الله عليه .. وكأنما أراد الله الجليل أن يعرف ذاته وعظمته للإنسان الذى أنشأه، فهداه إلى بعض المخترعات ؛ ليدرك مما بذل فيها كيف أن الكون مشحون بما يشهد للخالق بالاقتدار والمجد . .. إن ميلاد برتقالة على شجرة أروع من ميلاد “ سيارة “ من مصنع سيارات يحتل ميلاً مربعاً من سطح الأرض . ولكن الناس ألفوا أن ينظروا ببرود أو غباء إلى البدائع لأنها من صنع الله، ولو باشروا هم أنفسهم ذرة من ذلك ما انقطع لهم ادعاء ولا ضجيج .. إننى عرفت الله بالنظر الواعى إلى نفسى وإلى ما يحيط بى، وخامرنى شعور بجلاله وعلوه وأنا أتابع سننه فى الحياة والأحياء . وبدا لى أن أستمع إلى ربى فى الوحى الذى أنزله .. إذ لا بد أن يكون هذا الوحى حديثاً ناضجاً بما ينبغى له من إعزاز وحمد ! كان أقرب وحى إلى هو القرآن الكريم لأننى مسلم، فلما تلوته وجدت التطابق مبيناً بين عظمة الله فى قوله، وعظمته فى عمله . سمعته يقول: “ الله خالق كل شىء، وهو على كل شىء وكيل، له مقاليد السموات والأرض .. “ [الزمر: 62، 63] “ الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تفيض الأرحام وما تزداد، وكل شىء عنده بمقدار، عالم الغيب والشهادة، الكبير المتعال .. “ [الرعد: 8، 9]“ الله الذى جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً “ [ غافر: 61 ] “ الله الذى جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم “ [ غافر: 64 ]“ بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة، وخلق كل شىء وهو بكل شىء عليم، ذلك الله ربكم، لا إله إلا هو خالق كل شىء وهو على كل شىء وكيل، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير “ [ الأنعام: 101، 102 ]وآيات أخرى كثيرة كثيرة، كلها شواهد على أن ما وقر فى نفسى عن الله بطريق العقل قد أيده النقل تأييداً مطلقاً، وجعلنى أستريح إلى الإسلام فكراً وضميراً .”