“فالمجتمع المثالي هو الذي يكون فيه هذا الاتفاق المرعي بين الكثرة والقلة. أما الكثرة فتحترم آراء القلة وتدع لها الحق في التعبير عن أفكارها مهما تخالف المعتقدات الشائعة، وتسمح لها بحرية الانتقاد للأوضاع والعادات والقوانين السائدة مهما تكن عزيزة عليها. وأما القلة فتخضع لقوانين الكثرة ولا تخرج خروجاً عملياً عليها مهما تظنها خاطئة أو ضارة مكتفية بالنقد والدعوة إلى التغيير ومنتظرة في صبر ذلك اليوم الذي تنجح فيه في إقناع عدد كاف من أفراد المجتمع يمكنها من إحداث التغيير المطلوب بطريقة مشروعة منظمة يسنها القانون.”
“إن الكثرة العددية ليست بشئ , إنما هي القلة العارفة المتصلة الثابتة المتجردة للعقيدة . وإن الكثرة لتكون أحيانا سببا في الهزيمة , لأن بعض الداخلين فيها , التائهين في غمارها , ممن لم يدركوا حقيقة العقيدة التي ينساقون في تيارها , تتزلزل أقدامهم وترتجف في ساعة الشدة ; فيشيعون الإضطراب والهزيمة في الصفوف , فوق ما تخدع الكثرة أصحابها فتجعلهم يتهاونون في ثوثيق صلتهم بالله , إنشغالا بهذه الكثرة الظاهرة عن اليقظة لسر النصر في الحياة .”
“لا تخضع النفس العالية للحوادث ولا تذل لها مهما كان شأنها، ولا تلين صدعتها أمام النكبات والأرزاء مهما عظم خطبها، وجل أمرها، بل يزيدها مرّ الحوادث وعضّ النوائب قوة ومراساً، وشدة ومراناً، وربما لذ لها هذا النضال الذي يقوم بينها وبين حوادث الدهر وأرزائه، وكأنما يأبى لها كبرياؤها وترفعها أن يوافيها حظها من العيش سهلاً سائغاً لا مشقة فيه ولا عناء، فهي تحارب وتجالد في سبيله، وتغالب الأيام عليه مغالبة حتى تناله من يدها قوة واغتصاباً، فمثلها بين النفوس كمثل الليث بين السباع لا تمتد عينه إلى فريسة غيره، ولا يهنأ له الطعام غير الذي تجمعه أنيابه ومخالبه”
“ففي الطور الذي يحدث فيه التغيير يصبح فيه الإنسان متناقضًا. فهو من جهة يهدم الماضي بيديه, ومن جهة أخرى يستشعر في ذاته ضغط ذلك الماضي وأثره”
“إنما يبدأ الحلّ حينما يتجاوز الإنسان نفسه ويعلو عليها باحثاً عن الأسمى والأرفع.حينذاك يكون هناك أمل . . مهما اختلفت التصورات في هذا الهدف الأسمى الذي نتجاوز أنفسنا طلباً له.فالفنان يطلب الجمال.والمفكر يطلب الحقيقة.والثائر السياسي يطلب العدالة.والصوفي العارف يطلب الله.وهم قد اختلفوا في الظاهر ولكنهم ما اختلفوا في الحقيقة. . فإن الحق العدل البديع الجميل كلها من أسماء الله.وإنما الذي أختلف وتخلّف وتوقّف وتعثّر وهلك هو الذي لم يطلب سوى نفسه ولم يختر سوى نفسه فبدأ من نفسه وانتهى عند نفسه.”
“يهون الموت في الكثرة”