“لقد ارتسمت حقائق الأشياء أمام أفلاطون صوراً سماوية لا تتبدل ولا تتغير , و على الأشياء و فى دنيا الطبيعة و الواقع أن تقترب من تلك النماذج ما استطاعت . كذلك ارتسمت حقائق الأشياء أمام أرسطو أجناساً و انواعاً , لكل منها تعريف ثابت ساكن أزلى أبدى , يضعه حيث هو من بقية الأشياء . لكن حقائق الأشياء لا تثبت هكذا و لا تستقر إلا حين تجمد أوضاع الحياة على حالة هادئة ساكنة يرضى عنها الإنسان . أما حين يزول عن الإنسان هذا الرضا , و يهمّ بالانتقال إلى حالة أخرى , فعنئذ تكون حقيقة الكائنات أنها تتغير , و بخاصة الإنسان . و لا يعيب الإنسان إذ هو فى مرحلة التغير , مرحلة التحول , مرحلة السفر , أن تهتز القيم و ترتجَّ المعايير , بل العيب هو ألا ترتجَّ هذه و ألا تهتز تلك .. فلا ينبغى أن تكون لشىء أو لفكرة , أو لوضع , أو لنظام , حصانة تصونه من النقد و التجريح . إن كل الأشياء و الأفكار و الأضاع و النظم تريد أن تتغير , و تتجدد , فكيف يتم لها ما تريده إذا لم تقع على أوجه النقص فيما ننقده , و نجرّحه , لكى تتكشف حقيقته و تتعرى ؟”