“لقد كان ذلك الشاب الرائع عبد الله بن عباس أرحب أفقا منا عندما قال: (ليس في الدنيا من الجنة شيء إلا الأسماء).. لكن ماذا عن الأطفال.. زينة الحياة وأجمل ما في الدنيا..؟الحمل والولادة لا تستغرقان سوى دقائق، ودون معاناة أو نفاس أو وحام أو نزيف دم أو آلام (إذا أراد المؤمن الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة كما يشتهي) أطفال كالنعيم، لا يتقيأون ولا يمرضون ولا يحتاجون للحفائظ ولا تصيبهم الحمى أو الأمراض التي تصيب أطفال الدنيا.. أطفال يشعون براءة وجمالا وعطرا، ويجعلون الجنة أكثر نعيما، إن عند الله ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على خيال إنسان مهما كان مبدعًا.”
“المرأة لا تحتاج في الجنة إلى ولي أو وصي أو شهود.. تنتقي ما شاءت، وتتزوج من شاءت.. لها عالمها الخاص.. ووليها (في الدنيا) في شغل عنها إلا إن دعته لمشاركتها احتفالاتها..فنحن في الجنة حيث لا خوف، ولا رجال كالذئاب والوحوش يلاحقوننا، ولا رجال يلبسون لباس النصح من أجل استغلالنا.. نحن هنا حيث لا أمراض ولا عيادات نساء وولادة، ولا متاعب صحية أو حمل أو ولادة أو نفاس..”
“الأب لا سلطة له في الجنه على ابنته، ولا حاجة لابنته كي يوافق على زواجها، فهي مستقلة عن خلق الله في عالمها المدهش العظيم،وعلاقتها معه في هذا النعيم علاقة أخوة وحب في الله..الزوج لا قوامة له في الجنة.. الزوج والزوجة في الجنة لا يلتقيان كما في الدنيا على تقاسم المسئوليات، وأعباء المعيشة وتربية الأولاد والعناية بهم والقوامة (المسئولية) وتحمل أخطاء بعضهم مع بعض، الزوجان في الدنيا يقدمان التنازلات من أجل أن تبحر السفينة بسلام,أما الزوجان في الجنة فلا تنغص لقاءاتهما حسابات النفقة والمعيشة، أو شروط عقد الزواج ومسئوليات الأبناء والمنزل والوالدين، ولا تفلت أحد الطرفين من التزاماته، لم تعد المرأة تحمل هم زوج يتسلل إلى غرفتها قبيل الفجر..لا تحمل هم تعلقه بأخرى أو أخريات، أو تقصيره في النفقة أو العطف والرعاية والاهتمام، أو انطفاء مشاعره نحوها واختفاء عباراته الدافئة مع مرور الليالي والأياموالزوج لن يحمل هم انصراف زوجته عنه نحو أبنائه، ولا انصرافها عن الاهتمام بمظهرها وأناقتها مع تقدم سنها، ولن يحمل هم تجعدات وجهها ويديها وجسمها بعد اليوم..”
“مازحت زوجتي في الدنيا قائلاً : لو قلت لك لا تخرجي من قصري في الجنة حتى آذن لك ؟ فقالت وهي تضحك: (معليش) إبحث عن غير هذه الكلمات.ولما قلت لها أنت زوجتي؟!قالت بكل ثقة : أوتظنني كنت أصلي وأصوم من أجلك .. أوتظن أني كنت ابتعد عن الكبائر وأتحاشى ما استطعت عن الصغائر من أجل أن أحظى بغرفة في قصرك . . أجل أنت زوجي ولك قلبي وأكثر، ولكني أعيش في جنة ربي لا جنتك . . أعيش في جنة ربي بكامل حريتي، وهي حرية لم تعرفها امرأة من قبل. .حرية لا أضطر للتوسل أو لبيع جسدي كي أحصل عليها . . في الجنة يا زوجي العزيز اختارك وتختارني ، وأحبك وتحبني . . لكن لا أحد من الخلق على الإطلاق يفرضك علي أو يفرضني عليك أو يملي علي أو يملي علي . .”
“في الجنة لا طمع بما عند الآخر ولا جشع ولا سطو على ممتلكات الغير..الكل يتمنى أن يعطي ويهب ويهدي..الكل يشعر أنه أغنى البشر..”
“قال أبو هريرة رضي الله عنه لرجل من أهل اليمامة: (يا يمامي.. لا تقولن لرجل: والله لايغفر الله لك، أو لايدخلك الله الجنة أبدا. فقال اليمامي: يا أباهريرة إن هذه لكلمة يقولها أحدنا لأخيه وصاحبه إذا غضب.قال: فلا تقلها.. فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: كان في بنى إسرائيل رجلان كان أحدهما مجتهدا في العبادة، وكان الآخر مسرفا على نفسه، فكانا متآخيين، فكان المجتهد لا يزال يرى الآخر على ذنب فيقول: يا هذا أقصر، فيقول: خلني وربي أبعثت على رقيبا؟إلى أن رآه يوما على ذنب استعظمه، فقال له: ويحك اقصر. قال: خلني وربى أبعثت على رقيبا؟فقال: والله لا يغفر الله لك، أو لا يدخلك الله الجنة أبدا....فبعث الله إليهما ملكا فقبض أرواحهما واجتمعا، فقال للمذنب :اذهب فادخل الجنة برحمتي. وقال للآخر: أكنت بي عالما..؟ أكنت على ما في يدي خازنا..؟ اذهبوا به إلى النار.قال: فوالذي نفس أبي القاسم بيده لتكلم بالكلمة أوبقت دنياه وأخرته)كم منا من كان يغفل عند الحكم على الآخرين تلك الأسرار التي بين الإنسان وبين ربه، والعلاقات الخفية التي تربط الآخرين بربهم، كصدقة السر، وذكره في الخلوات، والتوكل عليه، والثقة بنصره ووعده، وتقديم حبه على كل حب، واحتراق المشاعر عند رؤية المظالم التي حرمها الله على نفسه وحرمها على عباده، والرحمة بالخلق وقضاء حاجاتهم، والجود وإغاثة الملهوف، وشكر الله كلما وقعت عيناه على من هو أضعف منه أو أقل شأنا.. وأشياء كثيرة تطمسها لائحة التفوق على الآخرين التي نعلقها على جدران غرورنا.”
“لن نرى في الجنة فقيرا ُأخذ حقه.. أو متسولا أو متذللا لغير الله..لن نرى في الجنة من يفخر علينا بجاهه وماله ومركزه.. فالمتكبرون والمتغطرسون تركناهم خلفنا.. كان منظرهم لا يسر والأقدام الحافية تدوسهم.. حشرهم الجبار تدوسهم أقدام البر والفاجر.. حشرهم الجبار كالنمل من الذلة والصغار.. لن نرى من ينغص علينا عيشنا، ويسخر من ربنا وديننا ونبينا ويصفهم بالظلامية والتخلف.. تركناهم خلفنا..”