“وكان يذهب عند الأصيل إلى بيت الناظر فيجالسه ويشاربه، ثم يعود ليلا إلى داره فيجد أن (حنش) قد هيأ له في الحديقة أو المشربية غرزة صغيرة فيحششان معا. ولم يكن معدودا في الحشاشين من قبل، ولكن التيار جرفه. وطارده الملل. وحتى (عواطف) أخذت تتلقَّن تلك الأشياء. كان عليهم أن ينسوا الملل والخوف واليأس وإحساسا محزنا بالذنب، كما كان عليهم أن ينسوا آمال الماضي العريضة.”
“ولستُ أول من اختار المتاعب في حارتنا، كان بوسع (جبل) أن يبقى في وظيفته عند الناظر، وكان بوسع (رفاعة) أن يصير نجار الحارة الأول، وكان في وسع (قاسم) أن يهنأ بـ(قمر) وأملاكها وأن يعيش عيشة الأعيان، ولكنهم اختاروا الطريق الآخر.”
“لم يعد الحب بينهما كما كان ، صار كلاهما يتطلع إلى الرحيل والبعد بشوق شديد .. فكلاهما مل الآخر .. ولكن هناك أشياء لا يصح أن ينهيها الملل ولا يستطيع”
“في مطلع القرن الماضي كان المصري إذا سألته عن هويته لا يتردد لحظة في أن يقول إنه مسلم , ولكن في نهاية القرن بعد أن احتلت بريطانيا مصر وتبلورت القضية الوطنية في التخلص من هذا الأحتلال , كان من الطبيعي جدا أن يحدد المصري هويته " بالمصرية " دون أن يعني ذلك أنه أقل حباً أو ولاء للإسلام مما كان . وعندما ظهر بوضوع التهديد الصهيوني , ثم الإسرائيلي لوجود ومصالح الأمة العربية كلها , ولم يكن غريبا أن يحدد المصري هويته بأنه عربي , دون أن يعني ذلك أقل حباً لمصر أو أقل حباً للإسلام .”
“على الواعظين أن يفحصوا قوة التيار قبل محاولتهم أن يقاوموه. إن عليهم ، بعبارة أخرى أن يفهموا أو يسكتوا .”
“لقد تساءلت أحياناً ترى ماذا كان يحدث لو أن العلم الحديث، بدلاً من أن يمضي من الرياضيات إلى الميكانيكا والفلك فالفيزياء والكيمياء، وبدلاً من أن يوجه كل جهوده إلى دراسة المادة، قد بدأ بالنظر في الروح؟ ماذا كان يحدث لو أن كبلر وجاليليو ونيوتن كانوا علماء نفس؟ لو حدث ذلك لكان بين أيدينا سيكولوجيا لا نستطيع اليوم أن نتخيلها، كما كان الناس قبل جاليليو لا يستيعون أن يتصوروا ما أصبحت عليه الفيزياء في عصرنا الحاضر”