“أيها السادة.. هاتف من الشرق ينذركم أن لاحلم بعد اليوم، فقد آن الأوان ليتحول الطين إلى دم حتّى تتغير موازين الحياة.. ليس لغزًا، وإنما صرخة ميلاد حقيقية مزقت صدري، وأنا أستنشق الهواء الذي كنت أبحث عنه بين فوهّات الجدران وبيوت العناكب، كان هواءً فاسدًا ، فثمة جراثيم تعبث به، وتنفخ دماءها في مساماته”
“وما كان يحس به عبد الرحمن ويقوله،كان يتصادى في نفوسِ المصلين جميعاً..سَلمَى احسّت من جهتها بتوقُّدٍ أكثر،وكانت تشعرُ بسعادةٍ غامرة وهي ترَى آخر شرخٍ في وجدانها يتضاءل ويختفي..ليس بمقدور خطيبها بعد اليوم أن يسحبها ثانية إلى مواقع التردد والازدواج..”
“وليس ريب في أن الشرق اليوم في حاجة أشد الحاجة إلى النّهل من ورد الغرب في التفكير وفي الأدب والفن . فقد قطع ما بين حاضر الشرق الإسلامي وماضيه قرون من الجمود والتعصب غشّت على تفكيره السليم القديم بطبقة كثيفة من الجهل وسوء الظن من كل جديد . فلا مفر لمن يريد أن يصهر هذه الطبقة من الاستعانة بأحدث صور التفكير في العالم , ليستطيع من هذه السبيل أن يصل بين الحاضر الحيّ وثروة الماضي وتراثه العظيم”
“أيها المسلمون: ليس ما كان في صدر الإسلام من محاربة المسلمين المسيحيين كان مراداً به التَّشفّي والانتقام منهم, أو القضاء عليهم, وإنما كان لحماية الدعوة الإسلامية أن يتعرضها في طريقها معترض أو يحول بينها وبين انتشارها في مشارق الأرض ومغاربها حائل, أي أن القتال كان ذوداَ ودفاعاَ, لا تشفياّ وانتقاما.”
“دعا ممو ربه وهو السجن فقال:رباه ألست تبصرني؟ألست تبصرني، وأنا عبدك الضعيف؟ كيف أذوب بين كل هذه الآلام التي لا أطيقها..؟!رباه إن عبيدك في الأرض لم يرقّوا لتعاستي وشقائي، وإنما سحقوا جراحي، كما ترى، في التراب، وحرموني حتى من الزاد الذي أتبلغ به في طريق فنائي. فارحمني أنت يا رب، فوحقك لن أتوسل بعد اليوم إلى غيرك، ولن أكب دموعي إلا بين يديك، ولن أتذلل إلأ لجلالك................واشوقاه يا مولاي إلى ذلك اليوم ..! إذ نمضي إلى رحابك، فتمسح بيمين لطفك عن كلينا مدامع الظالمين، وتضمنا بين ذراعي رحمتك، آمنن مقبولين”
“أستنشق روحي من بين ذرات ترابية تحفني بذاكرة المكان ، فأحوّل كل رصيف أمر به إلى وطن”