“الساحل الشرقي من الجزيرة العربية، حيث لا يمكن لحكومة نجديةٍ موحدةٍ أن تستقيمَ دون خيرات الأحساء، خاصةً وأن سنين مجاعة وفقر مرت على النجديين منذ إحتلال الدرعية على يد قوات إبراهيم باشا.”
“منذ عام ١٢٠٠هـ وحتى ١٢٠٨هـ، اتخذت غارات الوهابيين على المنطقة الشرقية من شبه الجزيرة العربية طابعاً شرساً، ويبدو ان الغرض كان إثارة السكان المحليين وإثبات عدم قدرة الوالد، الحكم الخالدي، على حمايتهم، وقد كانت الغارات سريعة وخاطفة ومفاجئة.”
“شهدت الأحساء والقطيف في وقت مبكر المدارس الحكومية التي أسسها العثمانيون سنة ١٩٠٢م، وسبقت بذلك كل مناطق الخليج دون إستثناء، في حين لم يدخل التعليم النظامي في العهد السعودي إلا بعد ٢٥ عاماً من سقوط الأحساء، وبعد ٣٨ عاماً من إحتلال القطيف!!.”
“كان من متاعب السعوديين في مناطق شرق الجزيرة العربية، انتشار المذهب الشيعي بين السكان ووجود تقليد استقلالي قوي.”
“لقد كان إحتلال الأحساء والقطيف في العهود السعودية جميعهاذا هدف إقتصادي، وفي الدولة السعودية الاولى كان ما يجبى من الأحساء والقطيف من زكوات يفوق جميع مناطق المملكة العربية التي خضعت لحكم الوهابيين. أشار إلى ذلك إبن بشر في معرض تقديراته للزكوات المجبية، وكذلك مؤلف كتاب لمع الشهاب الذين قال: إن الزكاة المجيبة من مناطق الشيعة "الاحساء والقطيف" بلغت ستمائة ألف ريال، في حين لم تزد زكوات بادية نجد عن 400 ألف ريال، والحجاز 200 ألف ريال، و رأس الخيمة وعمان 270 ألف ريال.. وهناك محاصين الأملاك في الاحساء ونجد الحاضرة 300 ألف ريال. وغير المصادرات والزكوات، وضع الحكام السعوديون يومها نظاماً يقضي بموجبه أن يدفع المواطنون الشيعة تحت مسمى "الرقيبة، أو الروسية، أو الجهادية" وتعطى معنى واحداً هو "الجزية" بإعتبار الشيعة غير مسلمين. ولكن الأمراء السعوديين كانوا حريصين على عدم تسميتها بالجزية، وإنما ضريبة الخددمة العسكرية.. لم يكن الوهابيون يردون من الشيعة كفرة بحيث لا يدفعون الزكاة، وقد كان هذا النظام معمولاً به حتى نهاية العشرينات الميلادية من القرن الحالي.”
“حاول الوهابيون الاوائل إلغاء الخصوصية المذهبية لسكان مناطق شرق الجزيرة العربية، ومنذ البداية لم يكن الوهابيون مقتنعين بأنه يمكن تغيير الخارطة المذهبية، لان الشيعة كانوا الاصعب دوماً، وعلى مر التاريخ، وثانياً لان الشيعة كانوا أشد المقاومين للإحتلال الوهابي-السعودي، وكما رأينا خلال استعراض الاحداث التي سبقت سقوط مناطق شرق الجزيرة العربية تحت قبضة الوهابيين. لهذا لم تكن للحكام الجدد واعوانهم القناعة ولا الاستعداد لتغيير آراء الناس بالاقتناع والارضاء والنقاش، وقد كان هذا دأبهم مع غير الشيعة أيضاً الذين عادةً ما يسارعون الى الرضوخ سياسياً ومذهبياً للمنتصر، ولكن لم يحدث هذا لشيعة شرق الجزيرة العربية وإن كانوا قد خضعوا الحين للمنتصر سياسياً فحسب. ”
“يقول المستشرق السوفياتي إليسكي فاسيلييك في كتابه صفحة ١٤٧،: لم يكن سكان المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية متعاطفين كثيراً مع الرياض والوهابيين. إلا أن أهمية هذه المنطقة كبيرة لدرجة جعلت أمير الرياض -تركي بن فيصل- يرى ضرورة الاحتفاظ بها بحاميات دائمية هناك. ”