“للضجة خصوما يرون فيها خطرا على مصالحهم. وقد دلنا التاريخ على ان الطغاة والمترفين لا يرغبون ان تثور اية ضجة او حركة فكرية بين الناس. ان مصالحهم القائمة تقتضي ان تسود القناعة والخنوع والاستسلام للقدر بين الناس. وكل ضجة تعني في نظرهم تهديدا لكيانهم الراهن. ولهذا فهم يحاربون كل من يثير الضجة ويتهمونه بالشعوذة او الشغب او التهريج. انهم يريدون من الناس ان يتحدثوا عن الجمال والكمال، وعن الحق و الحقيقة، وعن غير ذلك من الافكار المطلقة التي توجه أذهان الناس نحو السماء فتنسيهم مشكلات الارض التي يعيشون عليها.”
“يرى ويلز : ان الافكار الخفية التي تساور نفوسنا لا يعرف الناس عنها شيئا اذ اننا لا نملك القدرة على تحقيقها وبذا يعتبروننا من الصلحاء الاتقياء , ولو كنا محاطين بظروف كظروف نيرون لكنا مثله طغاة ادنياء , ان نيرون كان محاطا بزمرة من الجلاوزة والجلادين يأتمرون بأمره ويسوغون له ما يفعل , فكل فكرة سوداء تخطر على باله يجد حوله من ينفذها ويؤيدها , ان نيرون يختلف عنا بكونه يشتهي فيحقق شهوته اما نحن فنشتهي من غير ان تقدر على تحقيق تلك الشهوة .ان كل احد منا هو نيرون على وجه من الوجوه وكل انسان يطغى ان رآه استغنى”
“يعتقد الواعظون انهم كلما غالوا في وعظهم و صعدوا في نصائحهم الي اجوازالسماء كان ذلك ادعي الي تحسين اخلاق الناس و الي السمو بها فهم يظنون ان الواعظ بتحليقه هذا يستطيع ان يرفع اخلاق الناس معه كأن الامر عندهم يشبه ان يكون سحباً آلياً نحو الافق الاعلي”
“ان من افظع الاخطاء التي يقترفها المؤرخون هو انهم يتصورون المسلمين الاولين انقلبوا اخياراً بعد ان كانوا أشراراً - فجأه واحدة انهم اغفلوا بهذا مفهوم الشخصية البشرية , فليس من المعقول ان ينقّي الانسان قلبه فجأة من العقد النفسية والقيم الاجتماعية ويصبح ملاكاً طاهراً بمجرد قوله : لا اله الا اللهقال النبي : الناس معادن خيارهم في الجاهليه خيارهم في الاسلامولعله كان يقصد بهذا القول ان الشرير الظالم العاتي لا ينقلب خيرا تقيا بمجرد دخولة في الاسلام فهو قد يبقى ظالما عتيا ولكنه يطلي ميوله الظالمه بطلاء من الصوم والصلاة او من التسبيح والتكبير”
“ليس من العجيب ان يختلف الناس في ميولهم واذواقهم ولكن بالاحرى العجب ان يتخاصموا من اجل هذا الاختلاف”
“و مما تجدر الاشاره اليه ان كل انسان فيه عيب من العيوب لا يخلو من ذلك احد و قد قيل قديماً : جل من لا عيب فيه ..هذا و لكن يعتقد الواعظون بأن السلف الصالح كان معصوماً من العيب و بهذا يريدون من الناس جميعاً ان يكونوا من طراز السلف الصالح ..من يدرس حياه السلف الصالح دراسه موضوعيه يجدهم كسائر الناس يخطئون و يتحاسدون و يطلبون الشهره كما يطلبها كاتب تلك السطور لقد كانوا بشراً مثلنا يأكلون و يمشون في الاسواق و لكن الواعظين جعلوهم من طراز الملائكه لكي يحرضوا الناس علي اتباع مسلكهم في الحياه”
“ان تركيبة العقل البشري متماثلة في جميع الناس سيان ذلك بين المتعلمين منهم وغير المتعلمين”