“تاريخ المثقفين العرب الحديث في حاجة الى اعادة تدوين و الى اعادة كتابة . هذه مهمة معرفية ضرورية ، ولا مجال للظن ان انجاز هذه المهمة يمنح فئة المثقفين دون سواها من الفئات الاجتماعية- امتيازا - أو انه ينطوي على تقدير قيمي فوق - اجتماعي لهذه الفئة . ذلك ان الحاجة الى كتابة تاريخ هذه الفئات جميعها و -على نحو أخص - تاريخ تكوينها وفعاليتها مما يرقى الى مرتبة الواجب ، غير اننا نميل الى الاعتقاد ان فئة المثقفين -بالذات- لم تحظَ بعد بالقدر الكافي من الاهتمام و هو ما لانستبعد ان تكون من اسبابه رغبة المثقفين انفسهم في عدم فتح هذا الموضوع الذي يفرض عليهم مراجعة رصيدهم ومحاكمة دورهم ، واذا ما صح الفرض فان صمتهم و احجامهم عن الكلام عن انفسهم من العلامات الشاهدة على ان شيئا ما -غير طبيعي- يعتمل في مجالهم و حقل اشتغالهم وانهم يساهمون في التستر عليه.”
“هل نستطيع ان نشير بالاصبع الى محطات (حوادث) في حياتنا غيرت من نكون او عدلت في شخصيتنا او نقلتنا من مرحلة الى اخرى؟ عندما نجلس في نهاية حقبة و نحاول ان نتذكر و نتأمل و نحلل هل نصل الى خلاصات حقيقية ام ( نتوهم ) اننا وصلنا الى خلاصات؟ هل نعرف حياتنا ؟ المعرفة ممكنة؟ الحياة تمر بسرعة و الفهم يأتي على مهل. قبل ذلك، قبل التأمل، علينا ان نحكي بعض ما جرى”
“هل على الانسان ان يعود الى الهه داخله دون كتب دون تاريخ ؟ هل عليه ان يكون خاليا من المعبد ليكون مليئا بالله .. كما عليه ان يكون خاليا من التاريخ ليكون مليئا بالحقيقة”
“هل كان عدد الذين هاجروا الى الحبشة كبيرا ؟ يقال : كانوا اقل من عشرين .لقد ارتفع في الفوج الثاني الى نحو المائة .و ما هي نسبة المائة الى سكان الجزيرة ؟ انهم خيرة ... ! و لكنهم مائة هربوا ؟؟ و انسحبوا من الساحة , راحوا مشردين , هائمين ,لاجئين ...؟؟ من قال ..؟؟ و من يقول؟؟؟؟ ان الهروب .. انغلاب ...و ان الانسحاب هزيمة؟؟؟ ... ان الرسالة التي اصبحت تهرب , اصبح لها مجال في الساحة .. تروح به و تجيئ , اصبح لها كيان تهتز فيه , اصبح لها لون تصطبغ به ..ان المائة الذين ابتلعتهم .. درو ب التشرييد , ما تركوا ارضهم و راحة البال , , لولا انهم ما تميزوا بلون آخر , هو لون الايمان الصامد بحقيقة المبدأ , ان الانسحاب كان بمثابة حفاظ على هذا الطفل الموهوب في سبيل تامين النمو له في لطوة العزلة ...........”
“هذا هو سر تأخر مجتمعنا .. المجتمع الشرقي كله .. اننا نعتبر الابنة طفلة حتى بعد ان تصل الى العشرين او الثلاثين .. لا نعترف انها بلغت سن الرشد ولا نطمئن عليها الا بعد ان تتزوج.. و كأن الزواج هو شهادة ميلاد البنت.. الشهادة التى تعترف بشخصيتها المستقلة بالنسبة لاهلها، فى حين ان المجتمعات المتقدمة تحمل الابن او الابنةالمسئولية كاملة منذ سن السادسة عشرة.. بل ان من حق الاب ان يمتنع عن الانفاق على اولاده بعد هذه السن.. و لذلك فالشعب هناك اكثر تقدما منا لان الافراد يتحملون مسئولية انفسهم فى سن مبكرة.. و يمارسون الحياة قبل ان نمارسها ..ان كثيرا من عباقرة التاريخ بدأوا حياتهم و هم يبيعون الصحف فى الشوارع و هم اطفال.. و من ثمن بيع الصحف يشترون العلم و يدخلون المدارس”
“شعر ان المشقات اعظم الابواب التي تؤدي الى الله. و ان الذين يعانون المشقة في دنياهم محسوبون على الله في آخرتهم”
“لا بد من التخلي عن الاعتقاد السائد الذي يرجع الطائفية الى التمايز الثقافي او الديني الموجود في مجتمع من المجتمعات. فهذا التمايز الذي يوجد في كل البلدان يمكن ان يكون اساسا للغنى الثقافي والانصهار كما يمكن ان يكون وسيللة للتفتت. واذا بقينا على هذا الاعتقاد السائد اضطررنا الى البحث عن حلول للمشكلة على المستوى الثقافي وحده وهنا لن تجد اي مخرج على الاطلاق.فالطائفة الاكبر تميل الى الاعتقاد ان تصفية التميزات الثقافية هو شرط الوصول الى اجماع يخلق الوحدة والانصهار. وتكمن وراء ذلك فكرة ان فقدان الاجماع السياسي مصدره غياب اجماع فكري او ديني بينما العكس تماما هو الصحيح. والبعض يمكن ان يفكر ان هذا وحده يمكن ان يساعدنا على ان ننتقل من الصراع الطائفي الى الصراع الطبقي ويفتح من ثم طريق التغيير والتحول والتقدم. اما الطوائف الصغرى فتميل ايضا, من نفس المنطلق الى تضخيم مشكلة التمايز الثقافي وتأكيدها لتحويلها الى مشكلة هوية شبه قومية مصغرة واداة سياسية وتعويض عن السلطة الفقودة كفردوس. وهذا يعكس في الحقيقة ميل الصراع الاجتماعي في مثل هذا المجتمع بشكل عام الى ان يحافظ على شكله كصراع عصبوي ودائري.”