“لا يسر قلبي شئ مثل أن أرى اختفاء الجبارين, وفراغ أيديهم من أسباب البطش ووسائل الغلبة والقهر و انكشاف مواهبهم بعد زوال الحكم وزوال ما يضيفه الحكم على ذويه من مواهب فارغة! ـ وعلة هذه العاطفة شعوري العميق بحاجة الشعوب الشرقية إلى حكومات لا تعطيها حقوقها فحسب, بل حكومات تسرف في ذلك إلى حد تدليل الشعب و إشعاره النهاية القصوى في الحرية والسماحة , فإن الحكومات المستبدة القاسية , المستهينة بالدماء المستبيحة للحريات , هى في الحقيقة الجسر الممهد الوحيد الذى يعبر عليه الإذلال الأجنبي و الاستعمار الخارجي ليجد أمامه ظهوراً أوجعتها سياط الإذلال الداخلي فأصبحت ذيولاً ورءوساً مرنت على الانحناء فأصبحت خفيضة منكسرة !”
“هذا الرجل توالت أخطاؤه وتوالى السكوت عنها, حتى إذا حاول بالدماء أن يطيل أجل حكمه , قصم الشعب أجله , ونفضت الأيدي من التراب الذى أهالته على الضحايا لتهيل التراب كذلك على نوع من الحكم البغيض . إن النَّفَسَ البارد الذي حاول إطفاء الشعلة الأولى لا يحمل وزر إخمادها وحدها فحسب , ولكنه يبوء بإثمها وإثم الجماهير التي كانت ستشتعل بها , و إثم الأمة المكبوتة العاطفة التى تريد أن ينفجر مرجلها ليكوى بنيرانه الغاضبين , ويدخل الرهبة في أفئدة المعتدين . وكم أود أن تشعر الحكومات السابقة واللاحقة شعوراً له بواعثه الصادقة أن بقائهم في الحكم عارية الشعب, إن شاء سكت عنها فبقوا , وإن شاء استردها فسقطوا , و أن الشعب هو الذى يؤدب حكامه المخطئين , و ليس هو الذى يتلقى لطمات الجبارين المتسلطين .”
“وكم أود أن تشعر الحكومات السابقة واللاحقة شعوراً له بواعثه الصادقة أن بقائهم في الحكم عارية الشعب, إن شاء سكت عنها فبقوا , وإن شاء استردها فسقطوا , و أن الشعب هو الذى يؤدب حكامه المخطئين , و ليس هو الذى يتلقى لطمات الجبارين المتسلطين .”
“هناك خطب أنا اسميها خطب السكر الإلهي، أو على حد تعبير المتصوفة خطب الخمر الإلهية، لأن موضوعها يقوم على إسقاء السامعين معاني تثير في أبدانهم نشوة دينية مبهمة. لا صلة لها بحقيقة الإسلام، و لا بحاضر المسلمين المر.و في نفسي سخط كبير على أولئك الخطباء السحرة إنهم لم يغضبوا لله يوماً، و لا ناصبوا العداء ملكاً ظالماً، أو حاكماً مجرماً، أ محتلاً غاشماً ! و لا تمعرت وجوههم لإثم شقى به الناس، و سخطه رب الناس، و لا عناهم البحث عن أجدى الطرق لإنقاذ ديننا و بلادنا و أنفسنا من النكبة التي حلت بنا !.ذلك أن خطباء السكر الإلهي لهم أسلوب انفردوا به للتحدث عن الإسلام جعل العوام و أنصاف المتعلمين و أشباه المثقفين يلتفون بهم و يهتزون لكلامهم اهتزاز السكران المخبول.و من البديهي أن الإسلام يتأخر بهؤلاء و لا يتقدم، و أن قضايانا المعقدة لن تزيد في أيديهم إلا خبالا، و أن الجمهور الساذج الحائر لن يهتدي إلى طريق العمل الصالح و الإنتاج السليم لا بإلقاء هذه الخطب، و لا بالإنصات إلى أصحابها.من كتاب (في موكب الدعوة)”
“كل ما هنالك من فرق ان غيرنا انتفع بما يملك و أتاح الفرصة لبقائه و نمائه ، و عملت الحرية الموفورة عمل الآشعة في إنضاج الرزع و عمل المياه في إمداده بالنضارة و الحياة أما في أرجاء العالم الإسلامي فإن الحكم الفردي من قديم أهلك الحرث و النسل و فرض ألوان من الجدب العقلي و الشلل الأدبي أذوت الأمة و أقنطت الرجال”
“و من الواجب على المسلم أن يقتصد في مطالب نفسه حتى لا تستنفد ماله كله, فان عليه أن يشرك غيره فيما اتاه الله من فضله, و أن يجعل في ثروته متسعا يسعف به المنكوبين و يريح المتعبين”
“و الحق أن الرجولاتِ الضخمة لا تُعْرَفُ إلا في ميدان الجرأة.و أن المجد و النجاح و الإنتاج تظل أحلاما لذيذة في نفوس أصحابها, و لا تتحول إلى حقائق حية إلا إذا نفخ فيها العاملون من روحهم, ووصلوها في الدنيا من حس و حركة.و كما أن التردد خدش في الرجولة, فهو تهمة للإيمان, و قد كره النبي صلى الله عليه و سلم أن يرجع عن القتال بعدما الرتأت كثرة الصحابة المصير إليه.”