“إن البشر يكدّون ويسعون، ويسيرون في صحراء الحياة، وقيد نواظرهم كواكب ثلاث، هي هدفهم وإليها المسير، ومنها الهدي وهي السراج المنير، وهي الحقيقة والخير والجمال، وإن كوكب الجمال أزهاها وأبهاها، إن خفي صاحباه عن بعض الناس فما يخفى على أحد، وإن قصرت عن دركهما عيون فهو ملء كل عين، والجمال بعد أُسّ الحقائق وأصل الفضائل، فلولا جمال الخير ما دعا إليه المصلحون. وهل ينازع في تفضيل الجمال إنسان؟ هل في الدنيا من يؤثر الدمنة المقفرة على الجنة المزهرة؟ والعجوز الشوهاء على الصبية الحسناء؟ والأسمال البالية على الحلل الغالية؟فكيف يكون فيها من يكره الشعر، وهو جمال القول، وفتنة الكلام؟ وهو لغة القلب فمن لم يفهمه لم يكن من ذوي القلوب. وهو صورة النفس، فمن لم يجد فيه صورته لم يكن إلا جمادًا. وهو حديث الذكريات والآمال، فمن لم يذكر ماضيًا، ولم يرج مستقبلًا، ولم يعرف من نفسه لذة ولا ألمًا، فليس بإنسان.”
“وقال الشيخ أبو العباس المرسى رضى اللّه عنه : (لا يدخل على الله إلا من بابين ، أحدهما : الموت الحسى ، وهو الموت الطبيعي ، والآخر : الموت الذي تعنيه هذه الطائفة). ه. وهو موت النفوس ، فمن لم تمت نفسه لم تحيى روحه.”
“إذا اختلف علماء الإسلام المتخصصون في دراسته وفقهه، والذين عاشوا حياتهم له، يتعلمونه ويُعلمونه، ويدرسون معه كل ما يعين على حسن فهمه من "العلوم الآلية" التي هي آلة الفهم ووسيلة الاستنباط، وهي علوم اللغة والنحو والصرف والمعاني والبيان. إذا اختلف هؤلاء مع دعاة العلمانية - الذين لم يعرفوا من الإسلام إلا قشورا ربما أخذوها عن "المستشرقين" الذين يحسنون بهم الظن أو "المستغربين" الذين تتلمذوا على أيديهم، ولعلهم لم يقرأوا كتابا معتبرا في أصول الفقه أو في مصطلح الحديث بله الفقه أو الحديث نفسه - فمن يكون أحق بالصواب من الفريقين؟ الإسلاميون أم العلمانيون؟ ومع من يسير المسلم وهو مطمئن القلب؟”
“إن النظام القانوني بمعناه الضيق يخدم نظام ما بعد الشمولية بنفس الطريقة المباشرة. وهو لا يختلف في ذلك عن باقي المجالات الأخرى لعالم "القوانين والمحاذير".لكنه في الوقت نفسه يشير إلى طريقة هذه الخدمة في بعض مستوياته بدرجات مختلفة من الوضوح. هذه الطريقة التي تُقرّب وظيفته من وظيفة الأيدلوجية على نحو صارخ, إن لم يكن يجعل من النظام جزءاً لا يتجزأ من تلك الأيدلوجية.”
“إننا وإن لم نرى الحق وإ لم نصل إليه وإن لم نبلغه فهو فينا وهو يحفزنا وهو مثال مطلق ﻻ يغيب عن ضميرنا لحظة وبصائرنا مفتوحة عليه دواماً. ولحظة التأمل الصافي تقودنا إليه.والعلم يقودنا إليه.ومراقبتنا ﻷنفسنا من الداخل تقودنا إليه.وبصائرنا تهدي إليه.”
“الرياء ضربان: رياء النفاق، وهو العمل لأجل رؤية الناس، ورياء العادة، وهو العمل بحكمها من غير ملاحظة معنى العمل وسره وفائدته وملاحظة مَن يُعمل له ويُتقرب إليه به، وهو ما عليه أكثر الناس، فإن صلاة أحدهم في طور الرشد والعقل هي عين ما كان يحاكي به أباه في طور الطفولية عندما يراه يصلي، ويستمر على ذلك بحكم العادة من غير فهم ولا عقل، وليس لله شيء في هذه الصلاة. وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة أن من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا، وإنها تُلف كما يُلف الثوب البالي ويُضرب بها وجهه.”