“إن الدين في باب المعاملات مصلح لا منشئ كما يقول ابن القيم، إنه لم يخترع البيع أو الزواج وإنما جاء إلى هذه العقود فضبطها بتعاليمه!.فالبيع –مثلا- بإيجاب وقبول ولا يجوز فيه الغش، أو الربا، أو الاحتكار..إلخ.والزواج –مثلا- بإيجاب ولا يجوز فيه الاتصال بالمحارم، ولا الافتيات على الولى..ولا ترك الإشهار..إلخ.وفي شتى المعاملات إذا تحققت المصلحة فثم شرع الله!فما الذي يمنعنا؟ نحن –الذين جمدنا فقهنا وأغلقنا باب الاجتهاد ألف عام- أن ننظر في الوسائل التي اتخذها غيرها لمنع الفساد السياسي أو منع الاعوجاج الاقتصادي، ونقتبس منها ما لا يصادم نصا، ولا يند عن قاعدة؟الحق أن التوقف في هذا المجال ليس إلا امتدادًا للكسل العقلي الذي سيطر على مسيرة الإسلام التاريخية أمدًا ليس بالقصير..!!”
“الحق أن التوقف فى هذا المجال(يقصد الفقه) ليس إلا امتدادا للكسل العقلى الذى سيطر على مسيرة الإسلام التاريخية أمدا ليس بالقصير..!!”
“إن الزواج ليس نزوة عابرة! إنه صحبة دائمة وميثاق غليظ وشركة فى حياة لا تتحمل هزلا ولا عبثا،فما ارتبط به الزوج أو الزوجة من شروط لا يسوغ فيه تحريف ولا تقصير.. والوفاء بالمهر ليس إلا مثلا يذكر لما يجب أن يكتنف الزوجية من صدق وشرف، ولو أن رجلا عرض نفسه على أنه حليم أو سمح، فليثبت على هذه الخلال التى ادعاها. وليتكلفها إن لم تكن فيه! فإن بركات الله تنزل على أهل الصدق، وتجعل المعيشة أحلى وأبقى.. بل إن المرأة قد تتنازل عن حقها المالى كله أو بعضه عندما ترى زوجها كرم الشمائل نبيل السجايا ! والتى تعطى نفسها لا تضن بمال..”
“فإذا وجدنا مجتمعات بشرية حصنت نفسها من هذه المآسى.. فلماذا لا نقتدى بها.. أو نقتبس منها.قال لى البعض: هذا ما نخافه منك.. إنك تستورد الإصلاح من منابع بعيدة عن ديننا وتراثنا.. ونحن أغنياء عن مقترحاتك تلك!.قلت: تمنيت لو كانت غيرتك هذه فى موضعها! إننى معتز بدينى ولله الحمد.. ولكن ليس من الاعتزاز بالدين أن أرفض الجهاد بالصواريخ والأقمار الصناعية لأنها بدعة..!إن التفتح العقلى ضرورة ملحة لكل من يتحدث...فى الفقه الإسلامى. إننا فى صمت نقلنا تسجيل كل مولود فى دفاتر خاصة واستعنا بذلك على تحصينه من الأمراض ٬ وإلحاقه بمراحل التعليم ٬ واقتياده للجيش كى يتم تدريبه وإعداده للقتال. وذلك إجراء نقلناه عن دول أخرى دون حرج.. فماذايمنع الفقيه المسلم من قبول كل وسيلة أصيلة أو مستوردة لتحقيق الغايات التى قررها دينه؟ إن النقل والاقتباس فى شئون الدنيا.. وفى المصالح المرسلة وفى الوسائل الحسنة ليس مباحا فقط.. بل قد يرتفع الآن إلى مستوى الواجب.ثم إن الدين فى باب المعاملات مصلح لا منشئ كما يقول ابن القيم ٬ إنه لم يخترع البيع أو الزواج.. وإنما جاء إلى هذه العقود فضبطها بتعاليمه”
“لقد كان ذلك الشاب الرائع عبد الله بن عباس أرحب أفقا منا عندما قال: (ليس في الدنيا من الجنة شيء إلا الأسماء).. لكن ماذا عن الأطفال.. زينة الحياة وأجمل ما في الدنيا..؟الحمل والولادة لا تستغرقان سوى دقائق، ودون معاناة أو نفاس أو وحام أو نزيف دم أو آلام (إذا أراد المؤمن الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة كما يشتهي) أطفال كالنعيم، لا يتقيأون ولا يمرضون ولا يحتاجون للحفائظ ولا تصيبهم الحمى أو الأمراض التي تصيب أطفال الدنيا.. أطفال يشعون براءة وجمالا وعطرا، ويجعلون الجنة أكثر نعيما، إن عند الله ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على خيال إنسان مهما كان مبدعًا.”
“فالدين الإسلامي دين لا يعرف الكهانة ولا يتوسط فيه السدنة والأحبار بين المخلوق والخالق، ولا يفرض على الإنسان قربانا يسعى به إلى المحراب بشفاعة من ولي متسلط أو صاحب قداسة مطاعة ،فلا ترجمان فيه بين الله وعباده يملك التحريم والتحليل ويقضي بالحرمان أو بالنجاة، فليس في هذا الدين إذن من أمر يتجه إلى الإنسان من طريق الكهان،ولن يتجه الخطاب إذاً إلا إلى عقل الإنسان حرا طليقا من سلطان الهياكل والمحاريب أو سلطان كهانها المحكمين فيها بأمر الإله المعبود فيما يدين به أصحاب العبادات الأخرى .. " فأينما تُولوا فثمّ وجه الله" ، لا هيكل في الإسلام ولا كهانة ..ودين بلا هيكل ولا كهانة لن يتجه فيه الخطاب - بداهة- إلى غير الإنسان العاقل حرا طليقا من كل سلطان يحول بينه وبين الفهم القويم والتفكير السليم ..كذلك يكون الخطاب في الدين الذي يلزم كل إنسان طائره في عنقه ويحاسبه بعلمه فلا يؤخذ أحد بعمل غيره.. "ولا تزر وازرة وزر أخرى" ،"كل امرئ بما كسب رهين" و"أن ليس للإنسان إلا ما سعى أن سعيه سوف يرى"..فاذا كان في الأديان دين يجتبي الفبيلة بنسبها أو يجتبي المرء من مولده ﻷنه مولود فيها ،أو كان في الأديان دين يحاسبه على خطيئة ليست من عمله، (فليس في الإسلام إنسان ينجو بالميلاد أو يهلك بالميلاد،ولكنه الدين الذي يوكل فيه النجاة والهلاك بسعي الإنسان وعمله ، ويتولى فيه الإنسان هدايته بفهمه وعقله، ولا يبطل فيه عمل العقل أن الله بكل شيء محيط فإن خلق العقل للإنسان لا يسلبه القدرة على التفكير ولا يسلبه تبعة الضلا والتقصير)..وعلى هذا النحو يتناسق جوهر الإسلام ووصاياه. وتأتي فيه الوصايا المتكررة بالتعقل والتمييز منتظرة مقدرة لا موضع فيها للمصادفة ولا هي مما يطرد القول فيه متفرقا غير متصل على نسق مرسوم .فإنها لوصايا ((منطقية)) في دين يفرض المنطق السليم على كل مستمع للخطاب قابل للتعليم ، وهكذا يكون الدين الذي تصل العبادة فيه بين الإنسان وربه بغير واسطة ولا محاباة ويحاسب فيه الإنسان بعمله كما يهديه إليه عقله، ويطلب فيه من العقل أن يبلغ وسعه من الحكمة والرشاد.”