“فثقافة كل أمّة مرآة جامعة في حيّزها المحدود كل ما تشعّث وتشتّت وتباعد من ثقافة كل فرد من ابنائها على اختلاف مقاديرهم ومشاربهم ومذاهبهم ومداخلهم ومخارجهم في الحياة. وجوهر هذه المرآة هو (اللغة)، و(اللغة) و(الدين)، كما أسلفت، متداخلان تداخلا غير قابل للفصل البتّة. فباطل كل البطلان أن يكون في هذه الدنيا على ما هي عليه، (ثقافة) يمكن أن تكون (ثقافة عالمية،)،أي ثقافة واحدة يشترك فيها البشر جميعا ويمتزجون على اختلاف لغتهم ومللهم ونحلهم وأجناسهم وأوطانهم. فهذا تدليس كبير، وإنما يراد بشيوع هذه المقولة بين الناس والأمم، هدف آخر يتعلّق برفض سيطرة أمّة غالبة على أمم مغلوبة، لتبقى تبعا لها.”
“باطلٌ كلّ البطلان أن يكون في هذه الدنيا على ما هي عليه , ثقافة يمكن أن تكون ( ثقافةً عالميّة ) , أي : ثقافة واحدة يشترك فيها البشر جميعًا ويمتزجون على اختلاف لغتهم ومللهم ونحلهم وأجناسهم وأوطانهم .. فهذا تدليسٌ كبيرٌ , وإنما يراد بشيوع هذه المقولة بين الناس والأمم , هدفٌ آخرُ يتعلق بفرض سيطرة أمةٍ غالبةٍ على أممٍ مغلوبة , لتبقى تبعًا لها .. فـ الثقافات متعددة بتعدد الملل, ومتميزة بتميز الملل , ولكل ثقافةٍ أسلوبٌ في التفكير والنظر والاستدلال منتزعٌ من الدين الذي تدين به لا محالة .. فـ الثقافات المتباينة تتحاور وتتناظر وتتناقش , ولكن لا تتداخل تداخلاً يُفضي إلى الامتزاج البتّة , ولا يأخذُ بعضها عن بعضٍ شيئًا , إلا بعد عرضه على أسلوبها في التفكير والنظر والاستدلال , فإن استجاب للأسلوب أخذته وعدلته وخلصته من الشوائب , وإن استعصى نبذتْهُ وطرحتْه ”
“ولأنّ (الإنسان) منذ مولده قد استودع فطرة باطنة بعيدة الغور في أعماقها، توزعه، (أي تلهمه وتحرّكه)، أن يتوجّه إلى عبادة ربّ يدرك إدراكا مبهما أنّه خالقه وحافظه ومعينه، فهو لذلك سريع الاستجابة لكلّ ما يلبّي حاجة هذه الفطرة الخفيّة الكامنة في أغواره. وكلّ ما يلبّي هذه الحاجة، هو الذي هدى الله عباده أن يسمّوه (الدّين)، ولا سبيل البتّة إلى أن يكون شيء من ذلك واضحا في عقل الإنسان إلا عن طريق (اللّغة) لا غير، لأن (العقل) لا يستطيع أ، يعمل شيئا، فيما نعلم، إلا عن طريق (اللغة). فالدّين واللّغة، منذ النشأة الأولى، متداخلان تداخلا غير قابل للفصل”
“التجديد حركة دائبة في داخل ثقافة متكاملة ، يتولاها الذين يتحركون في داخلها كاملة حركة دائبة ،و عمادها الخبرة و التذوق و الإحساس المرهف بالخطر عند الإقدام على القطع و الوصل”
“العقل الذي لا يتصور أن الحياة البشرية قادرة على صنع الحضارات، بلا استناد إلى طريقة العيش الغربية واعتناق مبادئ الحضارة الغربية عقل قد أسقط من حسابه أن الحضارات، قامت وبادت, من قبل أن تكون الحضارة الغربية وأصولها جميعا على ظهر الأرض, وأن هذه الحضارات إذا بادت واستؤصلت، فالإنسان أيا كان بعد ذلك, قادر على أن يبني حضارة جديدة تناقض هذه الحضارة الغربية في طريقة العيش، وفي المبادئ التي يدعيها”
“و عسير جدا على خلق كثير, أن يدرك اليوم معنى هذا اللفظ "الدين" عندنا نحن المسلمين, ﻷن المسلمين منذ غلبوا على أمرهم بغلبة هذه الحضارة اﻷوربية على اﻷرض مسلمها و كافرها, تلجلجت ألسنتهم بالفرق و الذعر لهول المفاجأة, فصار لسان أحدهم كأنه مضغة لحم مطروحة في جوبة الحنك, ليس من عملها البيان!!!!”
“إن كل حضارة بالغة تفقد دقة التذوق، تفقد معها أسباب بقائها، والتذوق ليس قوامًا للأدب والفنون وحدها، بل هو أيضًا قوام لكل علم وصناعة، على اختلاف بابات ذلك كله وتباين أنواعه وضروبه. وكل حضارة نامية تريد أن تفرض وجودها، وتبلغ تمام تكوينها،إذا لم تستقل بتذوق حسّاس حادّ نافذ،تختص به وتنفرد، لم يكن لإرادتها في فرض وجودها معنًى يعقل، بل تكاد تكون هذه الإرادة ضربًا من التوهم والأحلام لا خير فيه”