“صعب جدًا ألا تقبل بأن تُخدع بشيء. تراهم كلهم يقفون وقفات الممثلين، يبشّرون ويفتّرون، ضحكاتهم ترن، وعياطهم يشق الآذان وتنخرط معهم كأنك واحد منهم: ولكنك تعلم أن وراء ذلك كله أنفسًا بحجم كف اليد، أو أصغر. حتى المحزونون منهم، يعجزون عن إقناعك. المحزونون هم الأمهات الثكالى فقط، والذين عرفوا التمزق في الجذور. أما الآخرون فيسبحون على الأغلب في مياههم الضحلة، مستسلمين "للموج" الذي يتخيلونه - ولو كان موجًا حقيقيًا لما اقتربوا منه بأكثر من ميلين اثنين. ولم الإقتراب من الأذى؟ ابعد عن الشر وغنِّ له. ابعد عن الحياة وغنِّ لها. الهريبة ثلثا المراجل. إذن فالتفاهم غير مهم، لأن التبادل يجري بين كميات مبهمة، مهملة، لا تفيد ولا تضر.”
“ ...وهل للحديث عن ذلك من نهاية ؟ بعض الحديث وضعته، بشكل ما في رواياتي، وبعضه جعلته مبثوثاً في دراساتي وحواراتي. ولكن معظمه سيبقى في انتظار من له القدرة والصبر والحب لإستقرائه من أوراق ورسائل ومصادر أخرى لا حصر لها .. هذا إذا لم تبددها الزوابع، أو تغرقها السيول، فتبقى على نحو يمكن الدارس من الرجوع إليها، في يوم ما، في زمن قريب أو بعيد "27 شباط 1994”
“أما وجه اميليا كان وجه من وجوه الجحيم ، كان يذكرني بالشر ، في العينين الزرقاوتين لمعة حادة تؤكد ما في الشفتين الكبيرتين من غدر صريح ، أنه وجه أقرب ما يكون إلى استدارة وجه الطفل مما يؤكد أنه غير وجهها الحقيقي . لأن في العينين والشفتين رغم ابتسامتها المستمرة ، صلابة وعنفاً فهي كأنها تقول : أن تأتمنني ! فـ على مسؤوليتك إذا كان لابد من مغامرة مع امراة فليكن وجهها وجه اميليا أنه وجه دنيوي ، أرضي ، فيه المكر الثعلبي الذي لا بد منه لـ امرأة مغامرة”
“الفلسطينيون كلهم شعراء. بالفطرة. قد لا يكتبون شعرًا، ولكنهم شعراء، لأنهم عرفوا شيئين اثنين هامّين. جمال الطبيعة، والمأساة. ومن يجمع بين هذين، لا بد أن يكون شاعرًا.”
“لاأريد أن أكتب تاريخاً، ولا أريد أن أفلسف قضايا معينة. لكنني في الواقع أفعل هذه الأشياء كلها معاً. فأنا بانتقائي لأشخاص معينين أجعل من هؤلاء الأشخاص أناساً حقيقيين، ولكنني أعطيهم صفة مطلقة، وهذه الصفة المطلقة، قد تساعد القارئ على الشعور بأن ما يقرأه هو وثيقة اجتماعية، أو تاريخ، أو فلسفة، ولكنني في الواقع أقيم رموزاً في ذهن القارئ، تجعله يشعر بأنه دخل معي في أعماق لم تكن بحسبانه، دخل معي في متاهة، وفي الدائرة الحلزونية التي تقترب من جوهر الإنسان. لأننا في النهاية نبحث عن جوهر الإنسان. الإنسان مطلقاً و الإنسان العربي تحديدا”
“رغم المصاعب والآلام والأزمات، لعلني من النوع الذي يصر على التفاؤل، ولو اني أعتقد أن التفاؤل في معظم الاحوال حماقة وقصر نظر، في الايام الأخيرة ضعف اصراري، أشعر ان زحف الظلام جولي، عليّ، يشتد يوما بعد يوم.”
“الغربة نفسها هي غربة عن مكان، عن جذور، وهذا هو جوهر الأمر. الأرض. الأرض هي كل شيء. نعود إليها محمّلين باكتشافاتنا. ما دمنا معلّقين من أهدابنا بالسحب الراكضة، فإننا في فردوس المجانين هذا. نهرب، نهرب باستمرار. وعلينا الآن أن نعود إلى الأرض، حتى لو اضطررنا فيما بعد إلى انطلاق جديد. يجب أن تكون لنا تحت أقدامنا أرض صلبة، نحبها، ونخاصمها، ونهجرها لشدة ما نحبها ونخاصمها، فنعود إليها.”