“قال بعض العارفين:من قرت عينه بالله قرت به كل عين ،ومن لم تقر عينه بالله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات ،ويكفي في فضل هذه اللذة وشرفها انها تخرج من القلب ألم الحسرة على مايفوت من هذه الدنيا ، حتى انه ليتألم بأعظم مايلتذ به من أهلها ويفر منه فرارهم من المؤلم .”
“يخرج العارف من الدنيا ولم يقض وطره من شيئين، بكاؤه على نفسه وثناؤه على ربه”
“ويكفي من جماله (سبحانه وتعالى)أن كل جمال ظاهر وباطن في الدنيا والآخرة فمن آثار صنعته , فما الظن بمن صدر عنه هذا الجمال”
“ولا يكون من أتباع الرسول على الحقيقة إلا من دعا إلى الله على بصيرة ، قال الله تعالى : (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) ، فقوله : (أدعو إلى الله) تفسير لسبيله التي هو عليها ، فسبيله وسبيل أتباعه : الدعوة إلى الله ، فمن لم يدع إلى الله فليس على سبيله”
“ولعل النشأة الأولى التي أنشأها الرب سبحانه فيها بالعيان والمشاهدة أعجب من النشأة الثانية التي وعدنا بها إذا تأملها اللبيب. ولعل إخراج هذه الفواكه والثمار -في الدنيا- من هذه التربة الغليظة والماء والخشب والهواء المناسب لها، أعجب عند العقل من إخراجها من تربة الجنة (المسك) ومائها (الصافي النقي) وهوائها، ولعل إخراج هذه الأشربة التي هي غذاء ودواء وشراب ولذة من بين فرث ودم ومن قيء ذياب أعجب من إجرائها أنهارا في الجنة، ولعل إخراج جوهري الذهب والفضة من عروق الحجارة من الجبل وغيرها أعجب من إنشائها هناك بأسباب أخر، ولعل إخراج الحرير من لعاب دود القز أعجب من إخراجه من أكمام الشجر في الجنة، ولعل جريان بحار الماء بين السماء والأرض على ظهور السحاب أعجب من جريانها في الجنة في غير أخدود.”
“وإذا كانت سعادةُ العبد في الدارين معلقةً بهدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيجِب على كلَ من نصح نفسه، وأحب نجاتها وسعادتها، أن يعرف من هديهوسيرته وشأنه مَا يَخْرُجُ به عن الجاهلين به، ويدخل به في عِداد أتباعه وشِيعته وحِزبه، والناس في هذا بين مستقِل، ومستكثِر، ومحروم، والفضلُ بيد الله يُؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم”
“مساكين اهل الدنيا خرجوا من الدنيا ولم يذقوا طيب نعيمها ،فيقال ماهو: محبة الله والأنس به والشوق الى لقائه ومعرفة اسمائه وصفاته”