“ولكن التعذيب بالتدريج يتسبب في حدوث تغييرات في المعذِب ذاته إضافة إلى التغييرات التي تحدث للمعذَب، فقد كان القضاء على الخصم يتم بالقتل، ولكن من خلال التعذيب، ومن خلال التخويف، بمعنى تحذير الناس من أن يفعلوا ما يعرضهم للتعذيب, يتم قتل الخصم، والآخرين، من الداخل من دون قتله، أو قتلهم، جسديا.”
“حين تسكت عن حقك الواضح، بسبب الخوف غالباً، فإنك لن تتوقع من الآخر أن يحترم لك هذا الحق، سيتصرف في المرة القادمة وكأن التطاول على حقوقك من المسلمات.”
“الإنسان الذي غرست أنظمة القمع خوفاً عريقاً في نفسه يشجع كل من حوله على التطاول عليه، كما أنه يعرف هو نفسه كيف يستغل الفرصة للتطاول على الآخرين حين يرى تلك الفرصة سانحة.ولهذا فإن الطغيان يريد غرس هذه الرهبة الدائمة لكي يضمن استقراره، وحين يكون لأصغر ممثل في السطلة رهبته فإن هذا يعني أن النظام مستقر، ولن يزعجه أحد بالمطالبة بالحقوق، إن الجميع يتحولون إلى قطيع مذعور منتظر بسلبية مطلقة، ينتظر أن تمن عليه السلطة بالانجازات، بل إنه يصبح أكثر ميلاً للإرضاء والمحاباة.”
“ومشكلة المشكلات أن هذا كله يتم تحت شعارات براقة من الإخاء والتكاتف الاجتماعي والتعايش بين فئات تخفي كل منها الكراهية العمياء للفئات الأخرى, ويتحين كل منها الفرص للانقضاض على الفئة الأخرى والفتك بها, إنها التقية العامة والباطنية الخاصة بالمجتمعات المقموعة والمهزومة في آن, وازدواجية مريعة بين الظاهر والباطن, الجميع يقولون الكلام الجميل الذي يتضمن المجاملة والتضامن والتعايش الاخوي, والجميع يخفون الأحقاد المبطنة والنيات المبيتة.”
“تهدف عملية الترويض إلى إحداث تغيير في البنية الداخلية لنظام المخلوق بحيث يصبح مطيعا لأمور غير غرائزه, وبعمليه الترويض يتم إدخال تشويشات على نظام رغبات المخلوق, وهذا التحول الداخلي لا يحدث تلقائيا, بل يحدث بفعل القوة القامعة.ولكن هناك قوة أخرى تأتي من طرفين مرتبطين بيد السلطة الأقوى: التخويف والتجويع, فبنمع الطعام وبالضرب والإيلام تتحقق عمليه الترويض بمعناها الكامل, يتحقق التغيير في البنية الداخلية, وهو تغيير يتعمق حتى ليبدو وكأنه قد تحول إلى غريزة أو حل محل الغريزة.”
“الإنسان الذي غرست أنظمة القمع خوفا عريقا في نفسه يشجع كل من حوله على التطاول عليه, كما أنه يعرف هو نفسه كيف يستغل الفرصة للتطاول على الآخرين حين يرى تلك الفرصة سانحة.”