“يا ولدي: الشَّريعةُ جاءت بتكليف الخَلْقِ، والحَقِيقَةُ جاءت بتعريف الحَقِّ. فالشَّريعَةُ أن تَعْبُدَهُ، والطريقةُ أن تَقْصِدَهُ، والحقيقةُ أن تَشْهَدَهُ. ثُمَّ إنَّ الشَّريعَةَ قيامٌ بما أمر به وبصَّر، والحقيقةَ شهودٌ لما قضى وقدَّر. وهذا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: الشَّريعةُ أقوالُهُ، والطَّرِيقَةُ أفعالُهُ، والحقيقَةُ أحوالُهُ. فشريعَةٌ بلا حقيقة: عاطلة، وحقيقةٌ بلا شريعة: باطلة، ولهذا قالوا: "من تشَرَّع ولم يتحقَّق فقد تعوَّق أو تفسَّق، ومن تحقَّق ولم يتشرع فقد تهرطَقَ أو تزندق". واعلم - يا ولدي - أنَّ الشريعةَ ليست إلا الحقيقة، والحقيقة ليست إلا الشريعة، فهما شيءٌ واحد، لا يتمُّ أحَدُ جزأيه إلاَّ بالآخر، وقد جمع الحقُّ تعالى بينهُمَا، فمحالٌ أن يفرق إنسان ما جمع الله. ثُمَّ تأمل - يا ولدي - قولك (لا إله إلاَّ الله) هذه حقيقة، (مُحَمَّدٌ رسُولُ الله) هذه شريعة. فلو فرَّق بينهما أحدٌ هَلَكَ، فإن من ردَّ الحقيقة: أشْرَك، ومن ردَّ الشريعة: ألْحَد. ثُمَّ تأمَّلْ قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} تجد الشريعة، {وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} تجد الحقيقة، وهما شيءٌ واحد يستحيل طرح أحد جزئيه.. عبادةُ العبد: ظاهر الأمر، وإعانة الله: باطِنُهُ، ولا بُدَّ لكل ظاهر من باطن، كالرُّوح في الجَسَد، والماء في العود. الحقيقة من الشَّريعَةِ، كالثَّمَرَةِ من الشَّجَرة، والأريج من الزَّهْرة، والحرارة من الجمرة، فلا بُدَّ من هذه لتلك، فاستحال قيام حقيقة بغير شريعة”

الإمام الرائد محمد زكي الدين إبراهيم

Explore This Quote Further

Quote by الإمام الرائد محمد زكي الدين إبراهيم: “يا ولدي: الشَّريعةُ جاءت بتكليف الخَلْقِ، والحَقِيقَةُ جاء… - Image 1

Similar quotes

“قال الأصمعي دخلت البادية فإذا أنا بامرأة من أحسن الناس وجها تحت رجل من أقبح الناس وجها فقلت لها يا هذه أترضين لنفسك أن تكوني تحت مثله فقالت يا هذا اسكت فقد أسأت في قولك لعله أحسن فيما بينه وبين خالقه فجعلني ثوابه أو لعلي أسأت فيما بيني وبين خالقي فجعله عقوبتي أفلا أرضى بما رضي الله لي فأسكتتني" قلت : ليت الأصمعي رجاها أن تلقي هذا الدرس في إحدى مدارس البنات بمصر”


“ومتي استقر هذا التصور الذي لا يرى في الوجود إلا حقيقة الله، فتصحبه رؤية هذه الحقيقة في كل وجود آخر انبثق عنها، وهذه درجة يرى فيها القلب يد الله في كل شيء يراه، ووراءها الدرجة التي لا يرى فيها شيئاً في الكون إلا الله (عز وجل)؛ لأنه لا حقيقة هناك يراهاإلا حقيقة الله (عز وجل).وحين يخلص القلب من الشعور بغير الحقيقة الواحدة، ومن التعلق بغير هذه الحقيقة.. فعندئذ يتحرر من جميع القيود، وينطلق من كل الأوهام.. يتحرر من الرغبة، وهي أصل قيود كثيرة، ويتحرر من الرهبة، وهي أصل قيود كثيرة، وفيم يرغب وهو لا يفقد شيئاً متى وجد الله (عز وجل)؟! ومن ذا يرهب ولا وجود لفاعلية إلا لله (عز وجل)؟!”


“بين الجبر و المتمسلفةيا جبر ما الإنسان إلا ما احتوى في الله قلبهو لقد كلفت بحب ربك يا سعادة من يحبهو تخذت من سبط الرسول الباب و المقصود ربهسبوا هواك و مبصر ما ضره أعمي يسبهالله يعلم أن دربك يا حبيب (الأل) دربهوحدت ربك بالمحبة إنما التوحيد حبههم أشركوا بالله لم يشرك به جبر و صحبه من عف عن تلك المباذل حسبة فالله حسبه”


“لا يسوغ لقويٍ ولا لضعيف أن يتجسس علي عقيدة أحد، وليس يجب علي مسلم أن يأخذ عقيدته أو يتلقي أصول ما يعمل به من أحدٍ إلا عن كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم. لكل مسلم أن يفهم عن الله من كتاب الله، وعن رسوله من كلام رسوله، دون توسيط أحد من سلف ولا خلف، وإنما يجب عليه قبل ذلك أن يحصل من وسائله ما يؤهله للفهم. فليس في الإسلام ما يسمى عند قومٍ بالسلطة الدينية بوجه من الوجوه.”


“والحياةالدنيا : رجل وامرأة .. إذا تمت لهما معا معاني الإنسانية الخاصة بكل نوع على حسبه، وما هو مخلوق من أجله، تمت هذه الحياة وبدت في صورتها التي خلقها الله عليها، كاملة في كل وجوهها، ماضية في طريقها تؤدي مهمتها كما هي و كما يجب أن تكون”


“ليس التصوف رقص الراقصين ولا طبل وزمر و تصخاب وتهييجولا هو الذكر بلألفاظ ساذجة محرفات,و لا صعق وتشنيجولا مواكب رايات ملونة فيها لما يغضب الديان ترويجولا هو العمةالكبرى,ولا سبح حول الرقاب ولا جمع مفاليجولا التعطل أو دعوى الولاية,أو صنع الخوارق أوكذب وتدبيجولاوشاح وعكاز ولا نسب إلى النبي,من البهتان منسوجولاالإجازات تشرى بالدراهم,أو وظائف صرفها بالزيف ممزوجولا مظاهرآثام الموالد,أو تكاثر برجال خيرهم عوجوليس بلفلسفات الهوج ينقلها كالببغاوات جهلا,قلةهوجإن التصوف(فقه الدين)قاطبة والفقه بالدين توثيق وتخريجهو الكتاب, وماجاءالنبي به وكل شئ سوى هذا فمحجوجإن التصوف سر الله يمنحه من قد أحب وحب الله تتويجو إنما الحب أخلاق ومعرفة ذكر وفكر وترويح وتأريجإن التصوف:تحقيق الخلافة في أرض الإله وإلا فهو تهريج”