“من كتاب قصص من التاريخ للشيخ الأديب علي الطنطاوي رحمه الله ، وأصلها التاريخي في الصفحة 411 من فتوح البلدان للبلاذري ، طبعة مصر سنة 1932 م . في عهد الخليفة الصالح "عمر بن عبد العزيز" ، أرسل أهل سمرقند رسولهم إليه بعد دخول الجيش الإسلامي لأراضيهم دون إنذار أو دعوة ، فكتب مع رسولهم للقاضي أن احكم بينهم ، فكانت هذه القصة التي تعتبر من الأساطير. وعند حضور اطراف الدعوى لدى القاضى ، كانت هذه الصورة للمحكمة: صاح الغلام : يا قتيبة بلا لقب فجاء قتيبة ، وجلس هو وكبير الكهنة السمرقندي أمام القاضي جميعا ثم قال القاضي : ما دعواك يا سمرقندي ؟ قال السمرقندي: اجتاحنا قتيبة بجيشه ، ولم يدعُـنا إلى الإسلام ويمهلنا حتى ننظر في أمرنا .. التفت القاضي إلى قتيبة وقال : وما تقول في هذا يا قتيبة ؟ قال قتيبة : الحرب خدعة ، وهذا بلد عظيم ، وكل البلدان من حوله كانوا يقاومون ولم يدخلوا الإسلام ، ولم يقبلوا بالجزية .. قال القاضي : يا قتيبة ، هل دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب ؟ قال قتيبة : لا ، إنما باغتناهم لما ذكرت لك .. قال القاضي : أراك قد أقررت ، وإذا أقر المدعي عليه انتهت المحاكمة ؛ يا قتيبة ما نـَصَرَ الله هذه الأمة إلا بالدين واجتناب الغدر وإقامة العدل. ثم قال القاضي : قضينا بإخراج جميع المسلمين من أرض سمرقند من حكام وجيوش ورجال وأطفال ونساء ، وأن تترك الدكاكين والدور ، وأنْ لا يبقى في سمرقند أحد ، على أنْ ينذرهم المسلمون بعد ذلك لم يصدق الكهنة ما شاهدوه وسمعوه ، فلا شهود ولا أدلة ، ولم تدم المحاكمة إلا دقائقَ معدودة ، ولم يشعروا إلا والقاضي والغلام وقتيبة ينصرفون أمامهم. وبعد ساعات قليلة ، سمع أهل سمرقند بجلبة تعلو ، وأصوات ترتفع ، وغبار يعم الجنبات ، ورايات تلوح خلال الغبار ، فسألوا ، فقيل لهم : إنَّ الحكم قد نُفِذَ وأنَّ الجيش قد انسحب ، في مشهدٍ تقشعر منه جلود الذين شاهدوه أو سمعوا به. وما إنْ غرُبت شمس ذلك اليوم ، إلا والكلاب تتجول بطرق سمرقند الخالية ، وصوت بكاءٍ يُسمع في كل بيتٍ على خروج تلك الأمة العادلة الرحيمة من بلدهم ، ولم يتمالك الكهنة وأهل سمرقند أنفسهم لساعات أكثر ، حتى خرجوا أفواجاً وكبير الكهنة أمامهم باتجاه معسكر المسلمين وهم يرددون شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله. فيا الله ما أعظمها من قصة ، وما أنصعها من صفحة من صفحات تاريخنا المشرق ، أرأيتم جيشاً يفتح مدينة ، ثم يشتكي أهل المدينة للدولة المنتصرة ، فيحكم قضاؤها على الجيش الظافر بالخروج ؟ والله لا نعلم شبها لهذا الموقف لأمة من الأمم .”

علي الطنطاوي

علي الطنطاوي - “من كتاب قصص من التاريخ للشيخ الأديب علي...” 1

Similar quotes

“وقد روى أبو داود في السنن {عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له: أمن العصبية أن ينصر الرجل قومه في الحق؟ قال: لا. قال: ولكن من العصبية أن ينصر الرجل قومه في الباطل} وقال: {خيركم الدافع عن قومه ما لم يأثم} . وقال: {مثل الذي ينصر قومه بالباطل كبعير تردى في بئر فهو يجر بذنبه} . وقال: {من سمعتموه يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا} . وكل ما خرج عن دعوة الإسلام والقرآن: من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة: فهو من عزاء الجاهلية؛ بل {لما اختصم رجلان من المهاجرين والأنصار فقال المهاجري: يا للمهاجرين وقال الأنصاري: يا للأنصار قال النبي صلى الله عليه وسلم أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟} . وغضب لذلك غضبا شديدا.”

ابن تيمية
Read more

“أجرى علي - رضي الله عنه - مخصصات من خرجوا عليه، ولم يقطععنهم حقوقهم المالية، مع كوم يمثلون حزبا معارضا لسياسته، بل لفكره وعقيدته، إذكانوا يرون كفره، فقال: (لهم علينا ثلاث… وألا نمنعهم من الفيء ما دامت أيديهممع أيدينا)("( .قال أبو عبيد: (إن عليا رأى للخوارج حقًا في الفيء، ما لم يظهروا الخروج علىالناس، وهو مع هذا يعلم أم يسبونه ويبلغون منه أكثر من السب [أي يكفرونه] إلاأم كانوا مع المسلمين في أمورهم ومحاضرهم حتى صاروا إلى الخروج بعد)(#( .وقد كانت هذه المخصصات شهرية، كما فعل عمر بن الخطاب، حيث أجرىالأرزاق على الناس كل شهر للرجال والنساء(”

حاكم المطيري
Read more

“وهذا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وعشقه مشهور لجارية فاطمة بنت عبد الملك، وكانت جارية بارعة الجمال، وكان معجبا بها، وكان يطلبها من امرأته ويحرص على أن تهيأها له، فتأبى، ولم تزل الجارية في نفس عمر، فلما استُخلف أمرت فاطمة بالجارية فأُصلحتْ، وكانت مثلا في حسنها وجمالها، ثم دخلت على عمر وقالت: يا أمير المؤمنين إنك كنت معجبا بجاريتي فلانة، وسألتَها فأبيتُ عليكَ، والآن فقد طابت نفسي لكَ بها، فلما دخلتْ بها عليه ازداد بها عجبا، وقال لها : ألقي ثيابك، ففعلت، ثم قال لها : على رِسلك، أخبريني لمن كنتِ ؟ ومن أين صرتِ لفاطمة ؟ فقالت : أَغرم الحجاجُ عاملا له بالكوفة مالا، وكنت في رقيق ذلك العامل، فأخذني وبعث بي إلى عبدالملك، فوهبني لفاطمة، قال: وما فعل ذلك العامل ؟ قالت : هلك، قال: وهل تركَ ولدا؟ قالت نعم، قال: فما حالهم ؟ قالت: سيئة، فقال شُدّي عليكِ ثيابك واذهبي إلى مكانك، ثم كتب إلى عامله على العراق: أن ابعث إليّ فلان بن فلان على البريد، فلما قدم إليه قال له : ارفع إلى جميع ما أغرمه الحجاج لأبيك، فلم يرفع إليه شيئا إلا دفعه إليه، ثم أمر بالجارية فدفعت إليه ثم قال له : إياكَ وإياها، فلعل أباكَ قم ألمّ بها، فقال الغلام: هي لك يا أمير المؤمنين، قال: لا حاجة لي بها، قال فابتعها مني، قال : لست إذا ممن نهى النفس عن الهوى، فلما عزم الفتى على الانصراف بها قالت : أين وجدك بي يا أمير المؤمنين ؟ قال: على حاله، ولقد زادْ. ولم تزل الجارية في نفس عمر حتى مات رحمه الله . ( من كتاب : "الداء والدواء" أو "الجواب الكافي" - إبن قيم الجوزية )”

ابن قيم الجوزية
Read more

“كلما زاد زهدك في الدنيا كلما اقتربت أكثر من اليقين. قال الإمام مالك، رحمه الله:"وما زهد أحد في الدنيا إلا أنطقه الله بالحكمة".”

جلال الخوالدة
Read more

“وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:(والله أمرنا ألا نقول إلا الحق، وألا نقول عليه إلا بعلم، وأمرنا بالعدل والقسط، فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني ـ فضلاً عن الرافضي ـ قولاً فيه حق أن نتركه أو نرده كله، بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل دون ما فيه من الحق”

محمد موسى الشريف
Read more