“ثم استدارت السيدة نحوى فجأة و عادت تمسكنى بأصابعها القاسية العظام و قالت هذه الحياة جميلة يا سيدى. كم هى جميلة ثم طفرت من عينها دمعة”
“قالت و هى ترفع إلى عينيها الواسعتين : هل أغضبتك حقا ؟- نعم .- كثيرا جدا ؟- نعم .تقدمت منى و كان وجهها شديد الشحوب ثم قالت : إذن فما أقل حبك ! ما الحب إن كنت لا تستطيع أن تحمينى من نفسى ?”
“لم أسمعه مرة يكلمها عن الحب و لا سمعتها هى تتكلم عنه،و لكنها حين كانت تسانده على أن يلبس جلبابه، حين تسند ظهره لتسقيه،حين تدلك له ذراعه و قدميه بأصابعها،كانت هذه الأصابع تنطق شيئا يتجاوز الحب ذاته.”
“فقال المقدس: أتعلم يا حنين أن مخلصنا غسل قدم يهوذا فى ليلة العشاء الأخير؟رد حنين ما بين السخرية و الألم: كنت نسيت و اشكر الرب أنك علمتنىفانتصب بشاى واقفاً و نظر للسماء متأوهاً بصوت عالٍ و كأنه يحتج على كل ما فى العالم من ظلم ثم قال: و لكنه خان بعدها يا حنين... لكنه خان”
“حدثني ماذا يقول جدك عن الأرواحيقول كل الأرواح جميلة وكلها طيبة،وهل قال لك يا سالم ما الذي ينقذ هذه الارواح ؟نعم , قال الحب”
“و نعم يا فريدة لو أنا نموت معاً. لو أن الناس كالزرع ينبتون معاً و يُحصدون معاً فلا يحزن أحد على أحد و لا يبكى أحد على من يحب. لو يُحصد زرع البشر الذى ينبت معاً كله فى وقت واحد, ثم يأتى نبت جديد يخضر و يكبر, لا يذكر شيئاً عما سبقه و لا يفكر فيما سيجئ, فكيف تكون الدنيا لو تحقق حلمك يا فريدة؟”
“لحظة واحدة من الخوف الحقيقى و الحب الحقيقى بدلاً من هذه الحياة الكذب .. بدلاً من المشى بلا سبب و الكلام بلا معنى و فتح الأبواب و غلق الأدراج و طلوع السلم و الرد على التليفون و انتظار السيارات , و قناع كاذب للحزن و قناع أكذب للضحك لمقابلة أقنعة الآخرين .. لحظة واحدة تبعث فيها الأرواح الميتة لتلتقى كما قال جدك , و لكن كيف تُبعثُ هذه الأرواح ؟ .”