“كم من مرة يتعرض الإنسان في حياته إلى الاختبارات والابتلاءات القاسية؟ وكم من مرة وجد نفسه وقد تجاوز الأمر مهما كان قاسياً بعد زمن، ليكتشف أن ذلك الاختبار وذلك الابتلاء، وكل مرارات الألم التي صاحبته وامتزجت به حملت في طياتها -وهي التي لم تكن واضحة حينها- درساً عميقاً وحكمة بالغة وخيراً كثيرا؟”
“أنت تسألينني ألا أخاف؟.. طبعا خفت أول الأمر، والخوف هو الذي يجعل للكفاح لذة، فالانسان يتقدم وهو خائف ولكن قوة أكبر منه، أكبر من خوفه تدفع به إلى الأمام وتجعله يعمل ما ينبغي أن يعمله بكل ثبات وكل دقة. وعندما ينتهي كل شئ ينتشي الإنسان، اذ يدرك أنه تغلب على نفسه، على ضعفه وعلى فرديته ومرة بعد مرة يتحرر الإنسان من الأنانية التي تسيطر على كل شئ في حياتنا، ويشعر أنه فرد في مجموع، وأن حياته مهمة طالما هو في خدمة هذا المجموع، وأنه لو فقد حياته لن تكف الأرض عن الدوران، بل سيواصل الآخرون العمل الذي بدأه، العمل الذي فقد حياته من أجله واذ ذاك يتحرر الإنسان من الخوف، يتحرر من "الأنا"..”
“الدلائل كلُّها تشير إلى أن فينا، في أعماقنا، غور سحيق نكفُّ فيه عن النظر إلى الحياة والموت، إلى الماضي والآتي، إلى الجسد والروح، كمتناقضات. قال ذلك شاعر كان صديقي، ربما لم يكتب في حياته بيتًا واحدًا، لكن حياته كلَّها كانت قصيدة. وقاله غيره كثير – قاله البشر منذ آلاف السنين ألف ألف مرة، ونسوه ألف ألف مرة. إن مثل أنْفَس المعارف التي تنكشف لنا كمثل النجوم: تولد، فتتألق، ثم يخبو نورُها، حتى تولد من جديد.”
“أن يجرب الإنسان فيفشل مرة وينجح مرة أخرى, شيء طبيعي ولا خلاف حول جدواه, ولكن أن يندثر الملايين من البشر في الأقبية والسجون والمنفى والسخرة في سبيل تجربة مهما كانت مهمة فأن ذلك شيء لا أستطيع قبوله مهما حاول العقل والمنطق أن يثبتاه لي. ملايين من أصحاب المشاعر والآمال والأحلام يطويهم العدم في سبيل تجربة أُعلنَ في النهاية تركها و"الإقلاع" عنها, شيء في -حقيقة الأمر- لا أستطيع هضمه مهما حاولت.”
“إذا كان الناس يفضلون, في بعض الأوقات, تذكّر الأيام الجميلة من الماضي, فإنّ الأيام القاسية يصبح لها جمالٌ من نوع خاص, حتى الصعوبات التي عاشوها تتحول في الذاكرة إلى بطولة غامضة, ولا يصدقون أنهم احتملوا ذلك كله واستمروا بعد ذلك !”
“الأمة هي التي تختار من يتولى أمرها، ولا يكون من سيتولى الأمر هو الذي يفرض نفسه. هكذا كان في تقدير الله لأمة الإسلام وهي أمته. هي التي تختار لنفسها. لقد أراد محمد أن يختار أمته، ولكن الذي حدث هو أن الأمة هي التي اختارته. وذلك أساس لا ينبغي أن تتخلى عنه أمة الإسلام. إنها هي الأساس، وهي التي تختار، ولو كان المختار هو رسول الله. هكذا قدر الله رب الإسلام وأمة الإسلام.”