“الذي اتفق في رسالة محمد قد كان أعجب أعاجيب الاتفاق، وكان المعجزة التي تفوق المعجزات؛ لأنها مع ضخامتها، وتعدد أجزائها، وتوافق تلك الأجزاء جميعها، مما يقبله العقل قبولا سائغا بغير عنت ولا استكاره..فكان محمد مستكملا للصفات التي لا غنى عنها في إنجاح كل رسالة عظيمة من رسالات التاريخ.كانت له فصاحة اللسان واللغة..وكانت له القدرة على تأليف القلوب وجمع الثقة..وكانت له قوة الإيمان بدعوته وغيرته البالغة على نجاحها..وهذه صفات للرسول غير أحوال الرسول.. ولكنها هي التي عليها المدار في تبليغ الرسالة، ولو اتفقت فيما عداها جميع الأحوال”
“العقيدة التي يخلقها الإنسان لا تبلغ من القوة في نفسه مبلغ العقيدة التي تستولي عليه وتهيمن على وجدانه ، ولكنها في غيبة العقيدة المهيمنة هي حيلته التي لا حيله له غيرها حيث يرفض الإنكار والتعطيل . أو هي على التحقيق أرجح في عقولهم من التعطيل والإنكار”
“والإسلام دين متناسق مستجيب للفهم والموازنة بين الأمور، فهو دين المعجزات في كل شيء، ولكنه ليس بدين المعجزة التي تفحم العقل ولا تقنعه لأنه دين العقل .. والتفكير فريضة فيه”
“والإسلام يضع المعجزة في موضعها من التفكير ومن الإعتقاد فهي ممكنة لا إستحالة فيها على الخالق المبدع لكل شيء،ولكنها لا تهدي من لم تكن له هداية من بصيرته واستقامة تفكيره..”
“وإذا كان العقل الإنساني لا ينفي بالدليل المقنع وجود العقل الأبدي فليس له أن يجزم باستحالة شيء مما يستطيعه ذلك العقل الأبدي من العلم بالأبد كله، أو من القدرة على الإيحاء به إلى من يشاء أو من القدرة على خوارق العادات، لأن الخوارق بالنسبة إليه كالعادات ،ولأن التغيير عنده كالإنشاء والإبداع، إذ ليست قدرته على تغيير ما حدث دون قدرته على الخلق الأول مرة في زمن بعيد أو زمن قريب”
“إن العقل الإنساني لا يصاب بآفة أضر له من الجمود على صورة واحدة يمتنع عنده كل ما عداها. فإما أن تكون الأشياء عنده كما تعودها وكرر مشاهدتها إما أن تحسب عنده في عداد المستحيلات، وأدنى من هذا العقل إلى صحة النظر عقل يتفتح لإحتمال وجود الأشياء على صور شتى لا يحصرها المحسوس والمألوف..”
“لقد كان عليٌ فتى يستقبل الدنيا ، وكان أبو بكر كهلاً يدبر عنها يوم أعانا محمد في غار ثور .. ولكنهما كانا معاً على أبواب غد واحد ورجاء واحد يستوي فيه الفتى والكهل والشيخ الدالف إلى قبره ، لأنه رجاء الإيمان لا رجاء العيان.”