“فلو أنّ عاصِماً يتجاوزُ قليلاً إحساسه الذّاتيّ،ينفتحُ قليلاً،على معاناة الأهل والناس..لعرفت كيف تكونُ سعيدةً حقاً..هنالك حيثُ تتوحّدُ المحبّة بالقضيّة،وحيثُ يصيرُ الغرام دفاعاً عن حُرُمات الله..آه لو أن عاصماً كان واحداً من هؤلاء الذين يقفون اليوم على التُّخُوم،يحملون خناجرهم ورشاشاتهم مستجيبين لنداء اللحظة التاريخية،لتحدي القادمين غلى بغداد..”
“أما هو،فسيظل يقاتل ضد تسطح الحياة التي يسعى إليه الشيوعيون،ضد تحويل السّعي البشري لممارسات حشريّة واصطراعٍ من اجل القوت،حيثُ يبدو النّاس معلّقين كالعناكب على الجُدرانِ والزّوايَا تنتظرُ فريستها،وحيثُ يزدحمون كالنّمل في الشقوق والمغارات لتطمين حاجاتهم ومصالِحِهم..”
“التوغل إلى الأعماق، لن يكون سهلاً لكل من يريد، إنه هبة الذين تمرنوا طويلاً على الغوص، وتعرّضوا للموت كثيراً في الأعماق، هؤلاء هم الذين يستطيعون أن يقصّوا علينا تجارب الآخرين .. مايحدث هناك فعلاً، لا ما يتخيّلونه هم ..”
“مالها وما يجري في البلد؟ولكن لا بأس،سيحاول المرّة تلو المرّة ان ينتزعها من التيّار،أن ينقذها من الهدير المخيف الذي اختارت أن تذهب إليه بإرادتها لكي ياخذها بعيداً صوب الضفاف النائية،حيثُ لا قاتل ولا مقتول،وحيثُ تختفي لغة الرصاص،لكي تحلَّ محللها كلمات العشق والمحبّة..”
“من هنا وهناك،وعبر هذا الشّارع،وذلكَ الزُّقاق كان النّاسُ يتدفّقُون،ليسَ ثمّة فقيرٍ أو غنيّ هاهنا،ليسَ ثمَّةَ كبيرٍ او صغير..إنَّهُم يتوحَّدُون اللحظة/ينصَهرُون/يتجاوزُونَ عالمهَم الذَّاتيَّ المحدُود،لكَيْ يَضعُوا وُجودَهُم على صَعيدٍ وَاحِد أمامَ الله/والتّاريخ/والضّمِيرْ..”
“إن إلهنا وإلهك واحدٌ يا حنّا،وسعيُك أحرى أن يتجه إلينا،إلى دائرته الحقيقية،حيثُ الإيمان يكافح من أجل حماية وجوده في العالم..”
“وما كان يحس به عبد الرحمن ويقوله،كان يتصادى في نفوسِ المصلين جميعاً..سَلمَى احسّت من جهتها بتوقُّدٍ أكثر،وكانت تشعرُ بسعادةٍ غامرة وهي ترَى آخر شرخٍ في وجدانها يتضاءل ويختفي..ليس بمقدور خطيبها بعد اليوم أن يسحبها ثانية إلى مواقع التردد والازدواج..”