“تسري في صفحات التاريخ أحكام مرتجلة يتلقفها فم من فم ، و يتوارثها جيل بعد جيل ، و يتخذها السامعون قضية مُسلمّة ، مفروغا من بحثها و الاستدلال عليها ، و هي في الواقع لم تعرض قط علي البحث و الاستدلال و لم تتجاوز أن تكون شبهة وافقت ظواهر الأحوال ثم صقلتها الألسنة.كل أولئك من لغو الشعوب ..”
“آه " في فم خادمة شكتها الإبرة و هي ترفو قميص سيدها. في فم السيد نفسه ربما في نفس اللحظة نعِس دون أن يطفئ سيجارته. لو لم ندقق ، ستختلط علينا : هل هي من شاب في غرفة التعذيب أم المغني في صالة الديسكو ؟ من سرير المرض أم سرير اللذة؟ هي في فم طفل أضاع ثمن الحلوى كما في فم تاجر خسر ملاينه في صفقة. من سلك عار في جهاز كومبيوتر في أوروبا كما من لدغة ثعبان في أدغال أفريقيا . إن خرجت ضعيفة و متقطعة من رجل ينصر ، بموته ، الموت فهي عالية و مرعبة من أمرأة تلد لترمم الحياة”
“إن شئت أن تعلم قيمة الذوق في الفرد فجرده من الطرب بالموسيقى و الغناء و جرده من الإستمتاع بمناظر الطبيعية و جمال الأزهار و جرده من أن يهتز للشعر الجميل و الأدب الرفيع و الصور الرائعة و جرده من الحب في جميع أشكاله و معانيه ثم انظر بعد ذلك ماذا عسى أن يكون و ماذا عسى أن تكون حياته”
“إنني أشد الناس رثاء للكتاب و الشعراء و الأدباء و أصحاب الفن الجميل عامة .. فحظوظهم سيئة في حياتهم وقلما ينصفهم التاريخ بعد مماتهم فهم يثيرون في نفوس الأحياء أنواعا من الحقد و ضروبا من الضغينة .. هذا ينفس عليهم لأنه لم يوفق إلى حظهم من الإجادة و لم يظفر بمثل ما ظفروا به من إعجاب الناس و كان خليقا أو كان يجد في نفسه خليقا بالإجادة و الإعجاب . و هذا يتنكر لهم لأن الحسد قد ركب في طبعه و لأن غريزته قد فطرت على الشر و حب الأذى . و هذا يتنقصهم لأنه لم يفهمهم أو لم يذقهم و لأن فنهم لم يقع من قلبه موقع الرضىو لم ينزل من نفسه منزل الموافقة.”
“كان أبوها يشترط شابا حجازيا حنكته الحجاز جيلا بعد جيل, و كان أبي يشترط فتاة ذات نسب أعرق من بئر ارتوازي. و بالتالي كانت فكرة الجمع بين الأبوين في مجلس واحد ليباركا هذا الزواج حتاج إلى معاهدة دولية. و نحن لا قبل لنا بالمفاوضات و الحيل و لم نفكر في قطع مشوار طويل كهذا. "الحب شيء و النضال من أجله شيء آخر" ا”
“و مهما يكن, فإن هذه الصعوبات المهنية لم تكن تعني شيئاً على الإطلاق بالنسبة لهؤلاء الأساتذة الذين كان منهم متطوعون و آخرون يقنعون بمرتب زهيد و متقطع: بالطلاب لم يكونوا يدفعون رسوماً و الأساتذة كانوا يعتبرون العمل في هذه المدرسة واجباً وطنياً. و لذلك, فكما أن التحاقهم بهذه المدرسة كان تحدياً لمضايقات سلطات الحماية الفرنسية كذلك كان تحدياً للمشاكل المهنية, و في مقدمتها التدريس باللغة العربية التي كان عليهم أن يتعلموها و هم أساتذة يدرسون. إنه جيل الرواد... جيل التضحية من أجل الاستقلال الوطني و الإعداد له”