“ما وجه الصلة بين موت الآلهة وعودة الأخلاق؟تبدو لي الصلة كالآتي.لنقل بشئ من التبسيط والإجمال إنه منذ قرناً من الزمن، هي زمن الغرب المسيحي، كانت الإجابة عن السؤال "ماذا ينبغي لي أن أفعل؟" (وهو السؤال الأخلاقي) تصدر في الحقيقةعن الله-عبر وصاياه ورهبانه وعبر كنيسته-،بحيث إن السؤال لا يشكل هاجساً مادامت الإجابة بديهية إلى هذا الحد، ونابعة من حضارة هي، في المقام الأول دينية. لقد تلقى المرء مايشبهه الهدية المعلبة، منذ ولادته أو خلال السنوات الأولى من حياته، وكانت في جوهرها، هدية دينية وتشمل بالطبع على أخلاق ما . بحيث أن الأخلاق لم تكن آنذاك مشكلة بقدر ما كانت حلاً.”
“إذا عن السؤال: "ماذا ينبغى على أن أفعل؟" ماعاد الله يجيب، أو غدت إجابته أفل فأقل نفاذاً للسمع اجتماعياً. غير أن السؤال كسؤال يبقى إلى اليوم مطروحاً...بوصفه السؤال الشخصي الأكثر حميمية ، الذي لايستطيع أحد (لا الله ولا الكاهن ولا الأمين العام ...) أن يجيب عنه بالنيابه،مايكسبه إذا ذاك المزيد والمزيد من الأهمية. سذج هم أولئك الذين يعتقدون أن الألحاد يلغي مسألة الأخلاق بل العكس هو الصحيح : ذلك أن حاجتنا إلى الأخلاق تزداد كلما قل تمسكنا بالدين-إذ تقع على عاتقنا الإجابة عن السؤال "ماذا ينبغى على أن أفعل ؟" عندما يكف الله عن الإجابه عنه .”
“نحن نخلط بين الأخلاق والسياسة.الأخلاق شخصية ، وكل سياسة هي جمعية.الأخلاق، في المبدأ ،منزهة من الأغراض ، وما من سياسة منزهة عن الأغراض. الأخلاق جامعة أو تنزع لآن تكون كذلك، وكل سياسة هي فريدة أو خاصة.الأخلاق تعين الغايات، أما السياسة فتعنى بالوسائل .لذلك نحتاج إلى الأثنين معا، وإلى الفرق بينهما. لنخذ الملائكية الوعظية:فعندما يقتصر كلامنا على الأخلاق فيما يدور كلام الآخرين عن المصالح،ندخل في لعبة البرابرة!”
“إذا ياصديقي العزيز ، الشعب لايفقه من الأمر شيئاً....بحيث تكون من الأجدى لنا ما أن نواجه بسؤال مهم أو معقد، لا أن نجرى استفتاء شعبياً أو دورة نقاش في البرلمان ( لأن النواب كما تعمون وأعلم ، ليسوا أكثر كفاية بكثير)أن نعين لجنة خبراء .ولكن ثمة مشكلة واحدة:هي أننا إذا اعتمدنا هذا المنطق إلى النهاية ،لايعود الشعب هو سيد نفسه، بل يكون الخبراء هم أسياد أنفسهم ، ولا نعود في ظل الديمقراطية بمعنى الكلمة،لقد أعطيت السلطة لمن يعرفون، أي اننا انتزعناها من الآخرين جميعاً،الذين يشكلون الأغلبية.فماالذي يبقى من الديمقوراطية؟ أخشى ألا يبقى سوى شبه ظاهري بها .بربرية تكنوقراطية:طغيان الخبراء”
“إن السياسة الاقتصادية المتبعة معظم الأحيان في أنظمة الحكم اليمينية المتطرفة، تستلهم المبادئ الليبرالية علانية، لا بل مبادئ الليبرالية المغالية: خصخصة ، إلغاء مراقبة الأسعار ،انفتاح على المنافسة الدولية....بالاختصار ، تنزعون القدر الأكبر الممكن من السلطة من أيدي الدولة والنقابات وتمنحون القدر الأكبر الممكن منها للسوق و للمستثمرين ...فما هي المحصلة ؟ محصلة مذهلة: إذا تتوفر لكم،خلال خمس عشرة سنة، أعلى معدلات النمو في أمريكا اللاتنية بأسرها.قد يسأل أحدكم "إذاً أين المشكلة ؟" مامن مشكلا ،إلا واحدة ، وأترك لكم أن تحكموا إذا كانت مشكلة مهمة أم لا : وهي أن التشيلي في عهد بينوشِه لم تكن ديمقراطية”
“لا أخلاق في الحساب ،لا أخلاق في الفيزياء، لا أخلاق في الأحوال الجوية.....فلم الأصرار على الأخلاق في الأقتصاد؟”
“لقد سبق لآدم سميث ،أن أدلى منذ زمن بعيد بمقولة جوهرية بهذا الشأن"نحن لانتوقع أن نحظى بطعام عشائنا جراء بادرة سخية من قبل القصاب أو بائع الجعة أو الخباز،بل جراء حرصهم على مصالحهم.فنحن بذلك لانتوجه إلى ماهو إنساني فيهم،بل إلى أنانيتهم،ولا نخاطبهم بمالدينا من حاجات بل دائماً بماينظرهم من الغُنْم”