“تعيش الناس فى ظل الحاجز , سافرت أم لم تسافر , غادرت أم لم تغادر . وجوده طاغ على كل شئ , يتخلل كل تفاصيل الحياة , يصبغ كل شء بلونه . نفسية الناس مرتبطة بالخبر الوارد عن الحاجز , خططهم , مشاريعهم , لقمة العيش , القرار حول مكان السكن ومدرسة الأولاد ومكان العمل متعلقة بموقع كل شئ (( أمام )) الحاجز أم (( خلفه )) , كل الاعتبارات تبدأ بالحاجز وكل الغايات يجب أن تبرر ذاتها بمنطقه , وأن تشرح نفسها أمام عرشه .”
“امتد الحاجز وهيمن على كل شئ . الحاجز فى قلوبهم , والحاجز فى عيونهم . الحاجز يفصلهم ويقسمهم على جنباته , والحاجز يجمعهم أمامه. الحاجز يستفز أسوأ ما في صراع البقاء وفيهم , كما يحصل للناس المتصارعين للنجاة بأنفسهم فى قارب لا يتسع لهم جميعاً. الحاجز يستدعى أنبل ما فيهم . الحاجز هو الفوضى , وهو النظام .إنه الكتلة البشرية المغبرة المتصارعة المتشابكة المتلاحمة مع كتل الإسمنت فى محاولة النفاذ , كل بجدله .وهو الصف الطويل الذي يقدم فيه المريض على غير المريض .الحاجز هو المظاهرة والتحدي وانفجار الغضب والكبرياء دفعة واحدة , بفعل فظاظة الجندي , أو بفعل حرارة الشمس ؟لا أحد يعلم , فالغرباء الأجانب عموما لا يقفون على الحاجز . الحاجز هو الهتاف , وهو التمتمة . هو اللعنة , وهو الاستعاذة بالله منها”
“طالما سألت نفسى هل الذكرى السعيدة شئ مفرح أم محزن، مفرحة لأنها تذكًرك بمتعة أم محزنة؛لأنك لن تستطيع ان تعيشها الاّن لاختلاف كل شئ، لم يعد هناك نفس البشر، لم يعد هناك نفس الظروف، لم تعد أنت نفسك، انت.”
“الحب هو بوح مستمر، تورط فى تفاصيل الآخر، وشهوة لتملّكه، يجعل منك رجل تحرّ..ومخبرًا فى آن واحدفعندما تعرف كل شئ عن الآخر ويعرف عنك أكثر مما يجب أن يعرف. لابد أن تفترقا. الحب وهم لا يصمد أمام الأضواء الكاشفة”
“بعد أن تمأسس الحاجز وقبل أن يصبح شموليا إلى درجة التيئيس والتنفير عن انتظار فرجه , قامت حول الحاجز حالة هرج ومرج . وبين طوابير السيارات الطويلة حمل رجل ( ثيرموس )) قهوة ذا ذراع طويلة وتصرف كأنه بائع السوس على مدخل باب العمود , إنه يبيع رشفات قهوة صباحية يتناولها الناس من نوافذ سياراتهم . ولكن الكؤوس بلاستيكية تنازلت للقهوة العربية بأن تقزمت حجما فاصبحت أكثر قبحا , وبذلك خسرت عالم الكوكاكولا ولم تكسب عالم القهوة العربية . وهي تتناثر فى كل مكان لتعزز المشهد البلاستيكي المألوف والطاغي بدءا بالكراسي مرورا بخزانات مياه الجنود البلاستيكية السوداء وقواطع البلاستيك المملؤة بالاسمنت على الشارع وانتهاء بالأكياس البلاستيك الابدية .لقد هيمنت اكياس البلاستيك السوداء على المشهد ترفرف على كل نبتة شوكية علقت بها على الهضاب المحيطة بالحاجز , وهي كثيرة . يضفي الاسود المغبر على نبتة شوك علق بها كيس , لا سبب أو هدف , إلا لأن الرياح تذروه والأشواك تلتقط ما تذروه الرياح , قبحا وكآبة على المشهد . كيس البلاستيك هوه راية المشهد وعلمه الحقيقي فى كل بقعة من بقاع الحاجز .”
“لم يكن سلطان الحب يوماً ما ليجلس فوق عرش القلوب من وراء الستر المرخاة والحجب المسدلة. وليطل وقت اختفائه عن الأنظار والأسماع مهما طال، فلا بدّ أخيراً أن يهتك كل ما يحيط به من حجب، ولا بدَّ أن يتراءى أمام الناس في جبروته القوي، وسلطانه القاهر، ولا بدَّ أن يعلن عن نفسه وعن شوكته سواء أرضي الناس أم غضبوا”