“من الطبيعي أن تستفحل الاعتقاد بالخرافات حول الجن والعفاريت بين النساء، نظراً لوضعية القهر التي تفرض عليهن في المجتمع النامي”
“الجن والعفاريت والشيطان ,كلها كائنات خفية,لعبت دوراً بارزاً في السيطرة على خيال الجماهير المقهورة,وتعليلها للأحداث التي تفلت من سيطرتها والتي يستعصي عليها تفسيرها.كما أنها قد استخدمت, ومازالت,بكثرة لتبرير ما يود الإنسان التستر عليه من فضيحة, أو عيب ,أو تقصير بزعم الوقوع تحت تأثير الجن,مما يساعده على الحفاظ على سمعته .”
“كم هي كبيرة الخدمات التي يقدمها رمز الشيطان لكل من السلطة المستغلة، والإنسان المقهور والمغبون، في العالم النامي”
“لا شك أن صب العدوانية الداخلية على الجسد، على شكل مرض جسمي، يتناسب مع شدة القهر والقمع اللذين يتعرض لهما الإنسان. ولذلك نجد أن المرأة ميالة إلى صب عدوانيتها على جسدها، والاحتماء منها بالمرض، نظراً لما تتعرض له من قهر وغبن، وما يمنع عنها من إمكانات التعبير عن الذات والتمرد على ما يفرض عليها من حيف في المجتمع المتخلف. ولاشك في أنها من خلال مرضها، تتهم الآخرين وتبتزهم في الكثير من الأحيان، فارضة عليهم تعويضاً عما لحق يها من حيف، من خلال ما تستوجبه من عناية ورعاية خلال المرض.”
“نجد أم المرأة ميالة إلى صب عدوانيتها على جسدها، والاحتماء منها بالمرض، نظراً لما تتعرض له من قهر وغبن، وما يمنع عنها من إمكانيات التعبير عن الذات والتمرد على ما يفرض عليها من حيف في المجتمع المتخلف.”
“ثم هناك مشكلة تحكم الجن والعفاريت في مسائل الزواج والخطبة والعلاقات الجنسية. كل الأزمات الزوجية والجنسية تلصق بهذه الكائنات الخفية، بدل أن توضع في إطارها الحقيقي، وترد إلي سببها الفعلي الاجتماعي الأسري النفسي. فالعزلة، والفصل بين الجنسين وسوء الاختيار الزوجي نتيجة للعلاقات التي يفرضها الأهل، وروابط المصاهرة التي تقام لخدمة مصالحهم ويستخدم فيها الأبناء كمجرد أدوات لخدمة هذه المصالح ، والأمراض الجنسية النفسية الناتجة عن القمع الجنسي والإحباط العاطفي المزمن، والتربية المتسلطة، هي وحدها المسؤولة عن الأزمات الزوجية. ولكن طرح المسألة بهذا الشكل، يهدد امتيازات الأسرة المتسلطة والقائمين على رأسها، ويهدد النظام السائد في الجماعة، الذي لا يخدم في النهاية سوى هذه الامتيازات. ليس هناك إذاً أكثر تضليلاً وخداعاً من إلقاء المسؤولية على الكائنات الخفية، ثم البحث عن ذلك الحلّ من خلال مختلف ضروب الشعوذة.”
“والمثل الأفصح على ذلك هو المرأة التي يقع عليها عادة الغرم الأكبر ويفرض على كيانها القسط الأوفر من الاستلاب من خلال ما تتعرض له من تسلط وما يفرض عليها من رضوخ وتبعية وإنكار لوجودها وإنسانيتها وهذه المرأة المستلبة اقتصادياً وجنسياً في البلدان النامية تعاني من استلاب أخطر بكثير وهو "الاستلاب العقائدي" ويقصد بهِ تبني المرأة لقيم سلوكية ونظرة على الوجود تتمشى مع القهر الذي فرض عليها وتبرره جاعلة منه جزءاً من طبيعة المرأة .وبذلك هي تقاوم تحررها وترسخ البني التسلطية المتخلفة التي فرضت عليها . وأكثر من هذا من تعممها على الآخرين من خلال نقلها إلى أولادها تنقلها إلى البنات منهم حين تفرض عليهن عملية تشريط من أجل الرضوخ للرجل "الأب والأخ والزوج" وتفرضها على الصبيان من خلال غرس النظرة الرضوخيه للسلطة,والتبعية لسيادة القلة ذات الحظوة”