“تحول الدين على أيدى المسلمين الأوائل، إلى راية يحاربون تحتها بغرض تأسيس الدولة، ومدَّ حدودها لتشمل كل ما يمكن أن يكون داراً للدين الجديد الذى كان العربُ يترقبونه. فصارت جزيرة العرب فى سنوات قليلة، داراً للإسلام، وصار غيرها من أنحاء الأرض دار حَرْبٍ، حتى تُفتح.”
“فى كل مرة نجد الدين اللاحق يؤكِّد الدين السابق، بينما الدينُ السابق ينكرُ اللاحقَ ويستنكره. أو، بالأحرى، يفعل أهل الديانات ذلك مع أنفسهم، ثم يفعلونه داخل كل ديانة على حدة، حين يجعلون (المذهب) معادلاً للدين، فيصير الذين خارج المذهب خارجين عن العقيدة والدين.”
“كل ما فيها كان أبهى من كل ما فيها.”
“كنت مسرعاً نحو غاية لا أعرفها، في لحظة ما أدركت أنني لا أعرفني! وأن ما مضى من عمري لم يعد موجوداً.كانت الأفكار والصور تمر علي خاطري ولا تثبت، تماما كما تمر قدماي على الأرض، فلا تقف. شعرت أن كل ما جرى معي، وكل ما بدا أمامي في أيامي وسنواتي الماضية، لا يخصني..أنا آخر، غير هذا الذي كان، ثم بان!”
“فما يحققه الدين ليقين الفرد، لا يمكن للسياسة أن تقومَ به.. فقد تغَّير العام، ولم يعد مثلما كان في سابق الزمان.”
“والظلمُ صفةٌ إنسانية بحتة، لا تصحُّ فى حق ما هو أدنى من البشر (الحيوان) وما هو أعلى منه (الإله) ففى عالم الحيوان يتصرف كل كائن بطبيعته الأولى، بحيث لا يمكن وصف سلوك حيوان معين، بأنه "ظالم" لحيوان آخر، حتى وإن كان ذلك الفعل هو الافتراس. فالوحشُ من الحيوان الأرضى، ومن الطير، يفترس غيره؛ لأن ذلك هو السبيل للبقاء، وليس لأنه يظلم فريسته.. وشرطُ الظلم هو (القصد) أو النية السابقة على الفعل، والحيوان لا يفعل بالنوايا، بل بالغرائز”
“هل تعلمين أن كثيراً من الحضارات الأولى ، المجيدة ، التى عبد أهلُها الربة وقدَّسوا الأفعى ، لم تكن لها جيوش نظامية .. عاشت تلك الحضارات زمناً طويلاً فى سلام ، وأعطت للإنسانية فى الزمن الأنثوى الأول ، كل بذور الحضارة : الزراعة ، الثقافة ، الاستقرار، الحنين إلى الوطن ، الضمير ، الديانة .. السلام ! لم يعتادوا أن يعتدوا على جيرانهم ، لم يجد الآثاريون أثراً لصناعة حربية بين حفرياتهم ، مثلما وجدوا فى المجتمعات الذكورية اللاحقة .. ثم انتهت الأزمنة الأنثوية ، السلمية ، البديعة ، بالإزاحة التدريجية للأنثى ، والانتقال بالمجتمعات إلى السلطة الذكورية الجوفاء ، على النحو الذى حكيته لكِ فى رسالتى السابقة عن تطور روح الحضارات فى سومر وبابل وآشور ، وعن روعة انبثاق الحضارة المصرية القديمة ذات الطابع الأنثوى الأصيل ، الإيزيسى”