“الشيخ عبدالرحمن الدوسري كان يسخر مرة من أطفال لم يعجبهم تناول وجبة شعبية فقال ساخراً: سوف نعلبها لكم لتأكلوها؛ أي "نضعها في علب مستوردة" لتكون حديثة ومقبولة. وهذا المزاج الطفولي يخامر الشعوب التي تشعر بالتخلف، وتزيد هذه العقدة كلما زاد الفقر والجهل، فتجد المرأة الأقل تعلماً أكثر اهتماماً بالأصباغ الغربية، وهذه ليست ظاهرة عربية أو إيرانية أو هندية؛ فهي ظاهرة عامة، وعقدة نقص؛ تحدث عنها كثيرون، وناقشها علي شريعتي (..) إذ يرى أن المجتمع الجاهل والأكثر تخلفاً ينمي مكاسب شركات الزينة الغربية أكثر من المجتمع الغربي نفسه. ذلك أن الأصباغ وكثافتها وكثرتها وتكاليفها تصبح مع الجهل علامة على الرقي والتقدم والجمال المزيف، حيث يشوه التصنع والتكلف الحياة الطبيعية وينتج حالة من البشاعة مؤذية، ويصبح التصنع الغالي توجهاً عاماً، ومقياساً للجمال.”
“العقل الذي لا يتصور أن الحياة البشرية قادرة على صنع الحضارات، بلا استناد إلى طريقة العيش الغربية واعتناق مبادئ الحضارة الغربية عقل قد أسقط من حسابه أن الحضارات، قامت وبادت, من قبل أن تكون الحضارة الغربية وأصولها جميعا على ظهر الأرض, وأن هذه الحضارات إذا بادت واستؤصلت، فالإنسان أيا كان بعد ذلك, قادر على أن يبني حضارة جديدة تناقض هذه الحضارة الغربية في طريقة العيش، وفي المبادئ التي يدعيها”
“كنت أعتقد، ولا أزال، أن الأدب وسيلة أكثر فاعلية بكثير في التعبير عما أصاب المجتمع المصري من تحولات العشرين عاماً الماضية من أي علم من العلوم الإجتماعية.”
“سعة الصدر وضيقه ... ليست ظاهرة مقصورة على المرأة وحدها ... ولكنها ظاهرة شاملة تلاحظ في حياة كل شعب، تبعا لدرجة عراقته في الحرية والحضارة والقوة؛ فالشعوب الحرة القوية هي في الغالب أوسع الشعوب صدرا وعقلا ... إن مسألة الزي الأوربي مثلا، أو لباس الرأس لم تصادف، لم تصادف في اليابان أي صعوبة أو إشكال... وعلى الرغم من التقاليد اليابانية القديمة، والوطنية اليابانية العريقة؛ لم نسمع يابانيا ذكر كلمة "القومية" أو "الوطنية" وهو يرتدي الزي الأوربي، لأنه لم يخطر قط بباله وهو يلبس "القبعة" أنه سيخلع "قوميته" ... أما الشعوب الضعيفة فتتوهم دائما أن حريتها أو قوميتها أو عقيدتها ستخلع منها وتذهب عنها بلفظ أو بكلمة أو برداء؛ فهي تنفعل وترتعد وترتاع لمجرد المظاهر والألفاظ والكلمات”
“المجتمع المُغرَّب ، هو ذلك المجتمع الذي تزدحم طرقاته بأفخر وأحدث السيارات المستوردة، وتضم مدنه أفخم دور عرض الأفلام المستوردة، ويرتدي أهله أحدث المنسوجات المستوردة، وعلى أحدث الموضات الغربية، ويثرثر مثقفوه في قاعات -مكيفة بأجهزة أمريكية أو روسية- في مشاكل المجتمع الغربي وآلامه، ويملأون صفحات من ورق مستورد تطبع بحبر مستورد وبآلات مستوردة، حول قضايا الوجودية ومسرح اللامعقول، والجنس الجماعي، وتطور حركة الهيبيز، على بعد خطوات من كهوف مواطنيهم حيث البلهارسيا والكوليرا والتراخوما، وكل تراكمات التخلف منذ القرن السابع عشر”
“بحثنا في الواقع سوف يوصلنا في نهاية المطاف إلى حزمة من الأسئلة التي لا نملك أي إجابة عليها , حيث إن من الثابت أن في كل ظاهرة من الظواهر عنصرا غيبيا استأثر الله تعالى بعلمه ”