“السفر المنتشر فكرة و واقعًا كواءٍ لا يمكن صدهُ ولا تجاهله , هو محض نقل جغرافيّ للمكشلة , هو تحويل لموقعها دُون قطعها من الجذور , إنه انتقال بها من مرحلة واضحة -المشكلة فيها مرئية- إلة مرحلة أخرى , ربما المشكلة فيها غير مرئية بوضوح , لكنها أكثر عمقًا , و أكثر خبثًا و أكثر خطرًا !إنها انتقال بالمشكلة من مرحلة أشعة الشمس المحرقة-لكن الواضحة- إلى مرحلة الأشعة فوق البنفسجية-التي لا تُرَى ولكن تقتل- !المشكلة هنا : مرض مزمن , التهاب حاد , و حمى و صداعٌ و آلام مبرحة ..لكن المشكلة هناك : مرضٌ خبيثٌ , يتسلل بصمت , و يتقدم بصمت , و يستولي بصمت !”
“التقبل مرحلة تتخطى القبول .. القبول هو أن تتآلف أرواحنا تلقائيا ، و هي مسأله إلآهية ، و لكن التقبل مسأله أكثر عمقا .و هو أن أرى منك ما يعجبني وأيضا أرى ما لا يعجبني و مع ذلك أرضاه منك و أحب التعايش معك”
“لقد ارتسمت حقائق الأشياء أمام أفلاطون صوراً سماوية لا تتبدل ولا تتغير , و على الأشياء و فى دنيا الطبيعة و الواقع أن تقترب من تلك النماذج ما استطاعت . كذلك ارتسمت حقائق الأشياء أمام أرسطو أجناساً و انواعاً , لكل منها تعريف ثابت ساكن أزلى أبدى , يضعه حيث هو من بقية الأشياء . لكن حقائق الأشياء لا تثبت هكذا و لا تستقر إلا حين تجمد أوضاع الحياة على حالة هادئة ساكنة يرضى عنها الإنسان . أما حين يزول عن الإنسان هذا الرضا , و يهمّ بالانتقال إلى حالة أخرى , فعنئذ تكون حقيقة الكائنات أنها تتغير , و بخاصة الإنسان . و لا يعيب الإنسان إذ هو فى مرحلة التغير , مرحلة التحول , مرحلة السفر , أن تهتز القيم و ترتجَّ المعايير , بل العيب هو ألا ترتجَّ هذه و ألا تهتز تلك .. فلا ينبغى أن تكون لشىء أو لفكرة , أو لوضع , أو لنظام , حصانة تصونه من النقد و التجريح . إن كل الأشياء و الأفكار و الأضاع و النظم تريد أن تتغير , و تتجدد , فكيف يتم لها ما تريده إذا لم تقع على أوجه النقص فيما ننقده , و نجرّحه , لكى تتكشف حقيقته و تتعرى ؟”
“أما مرحلة كُره كل ماهو سعيد أو يدعو إلى البهجة ستأتي سريعاً، و تعيش في اليوم الواحد مجموعة متناقضة من المشاعر تكفي مائة شخص. قد تبدأ يومك باليأس التام، ثم دون أي سبب مقنع تشعر بالتفاؤل، و لكن هذا الإحساس سيأخذك إلى الاحتياج، فاليأس مهما كان سيئاً فهو على الأقل يرحمك من حِمل الأمل و عبء الصبر للوصول إليه، ثم إن إحساسك بالاحتياج سيشعرك بالضعف لتبدأ مأساة "أنا صعبان عليَّ نفسي أوي" و تلك هي أصعب المراحل لأنك ستجد ردود أفعال في مؤخرة رأسك من نوعية "مايصعبش عليك غالي" و هنا تبدأ مرحلة الغضب و السخط على كل شيء و كل شخص، و تلك المرحلة التي في نهايتها تعود - بالسلامة - إلى مرحلة اليأس.و بعد اللّف كثيراً تستقر تماماً في تلك المرحلة، اليأس التام، مرحلة استشعار أن الوحدة ليست بهذا السوء الذي كنت أظنه و لكن هذا أبداً لا يمنع الوجع.”
“و لم لا تشتعل النيران الطائفية، و النفط موجود و موفور، و لم لا يتفرغ المسلم للقبطى، و المارونى للشيعى، و الشيعى للسنى، فضلاً عن الزيود و الشوافع و الحنابلة و الأحناف و المالكيين، و ما لا أذكر و لا أعرف، من طوائف و فرق، و قد فرغت الأمة من هم التوحيد و طموح الاندماج و تجاوزت مراحل (الفيديريشن) و (الكونفيديريشن) إلى مرحلة التفركش الشامل الذى لا ضابط له و لا رابط، و لم تعد تجد ما تنتمى له، غير نوادى الكرة و العمل من أجل انشاء (امارات الطوائف العربية)، غير الأندلسية و غير المتحدة.”
“المشكلة فى أن تكون وحيدا جدا و تقرأ و تفكر كثيرا جدا ، هو أن هناك جبل عظيم من الرواسب المستوعبة يبرز فى النهاية داخل الرأس .”