“في الواقع ، واقع تداخل الأزمنة الثقافية في فكر المثقف العربي ، هو ما يفسر ظاهرة مزعجة في الفكر العربي المعاصر ، ظاهرة " المثقفين الرحل" ، المثقفين الذين يرحلون عبر "الزمن الثقافي" العربي من المعقول إلى اللامعقول ، من اليسار إلى اليمين بسهوله لاتصدق . على صعيد المواقف "المبدئية " حول قضايا : الوحدة والأشتراكية والإسلام والعروبة والديمقراطية والعلمانية وهي القضايا الرئيسية في الفكر العربي المعاصر”
“. . ذلك أن الحقيقة لدى كثير من ( المثقفين - القراء ) العرب, بل ولدى كثير من الكتاب والباحثين في الوطن العربي, فضلاً عن المثقف العادي, هي ما يقوله آخر كتاب قرأوه ولربما آخر حديث استمعوا له, الشيء الذي يدل على رسوخ الاستعداد للتلقي وغياب الروح النقدية في نشاط العقل العربي المعاصر”
“اللحظات الحاسمة في تطور الفكر العربي الإسلامي لم يكن يحددها العلم، وإنما كانت تحددها السياسة”
“إن تجديد عقل ما يحتاج إلى مخاطبة هذا العقل بالأسلوب الذي تعود الإنصات إليه ، وكلما أمكن : بالوسائل التي يستعملها هو نفسه . إن ذلك هو السبيل الوحيد الذي يجعل العقل المراد تجديده ينصت ويستوعب . أما اصطنطاع الغموص أو عدم التمكن من التحرز منه ، أما نقل الأفكار في نفس غلافها الأصلي وعدم القدرة على إلباسها غلافا يأنس العقل المنقول إليه ، أما الطريقة التي يكتب بها كثير من دعاة التجديد في الفكر العربي المعاصر ، فإن رد الفعل إزاءها ، من طرف العقل الذي تخاطبه ، لن يختلف عن رد أبي سعيد السيرافي إزاء التراجمة التي كانوا يلتزمون النقل الحرفي ويكتبون بلغة غير بيانية وغير مبينة ، رد الفعل الذي عبر عنه السيرافي بقوله : لا سبيل إلى إحداث لغة في لغة مقررة بين أهلها”
“إن الصراع في الوطن العربي، وفي بلدان كثيرة أخرى، هو صراع من أجل السلطة والطرف الذي يتكلم، بل أقول الذي يحس ويشعر ويتألم من موقع المحكوم المضطهد المغلوب على أمره، يجب أن يبدأ من البداية، من المطالبة بحق «طلب الكلمة»، ذلك أن مأساتنا في الوطن العربي هي أننا لسنا فقط محرومين من الكلمة، بل وأيضا من حق طلب الكلمة، والحق الذي من دونه يفقد الإنسان هويته كإنسان”
“ مسألة العلمانية في العالم العربي مسألة مزيفة، بمعنى أنها تعبر عن حاجات بمضامين غير متطابقة مع تلك الحاجات: إن الحاجة إلى الديمقراطية التي تحترم حقوق الأقليات والحاجة إلى ممارسة العقلانية للسياسة هي حاجات موضوعية فعلاً، إنها مطالب معقولة وضرورية في عالمنا العربي ولكنها تفقد معقوليتها وضروريتها بل ومشروعيتها عندما يُعبر عنها بشعار ملتبس كشعار العلمانية".”
“من هو العربي؟ أن يكون الإنسان عربياً هو أن يشعر بأنه عربي فعلاً عندما يتعرض شعب أو فرد عربي لعدوان أجنبي. وهذا الشعور الذي يهمين في أوقات الأزمات لا يتناقض مع النزوع نحو الوحدة العربية الذي حددنا به هوية"العربي" في الفقرات السابقة. بل إن هذا النزوع ليس شيئاً آخر سوى التعبير الإيجابي عن ذلك الشعور خارج أوقات الأزمات. وهل الهوية شيء آخر غير رد الفعل ضد "الآخر" ونزوع حالم لتأكيد"الأنا" بصورة أقوى وأرحب.”