“يقول الفقيه الأصولي الحنبلي نجم الدين سليمان الطوفي في شرحه لحديث "لا ضرر ولا ضرار":ولا يقال إن الشرع أعلم بمصالحهم -مصالح العباد- فلتؤخذ من أدلته، لأنا نقول: قد قررنا أن رعاية المصلحة من أدلة الشرع، وهي أقواها وأخصها، فلنقدمها في في تحصيل المصالح، ثم إن هذا إنما يقال في العبادات، التي تُخفَى مصالحها عن مجاري العقول والعادات، أما مصلحة سياسة المكلفين في حقوقهم، فهي معلومة لهم بحكم العادة والعقل، فإذا رأينا دليل الشرع متقاعداً عن إفادتها، علمنا أنه أحالنا في تحصيلها على رعايتها”
“إن سأل سائل فقال : ما الدليل على أن للخلق صانعاً صنعه ومدبراً دبره . قيل الدليل على ذلك أن الإنسان الذي هو في غاية الكمال والتمام كان نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم لحماً وعظماً ودوماً . وقد علمنا أنه لم ينقل نفسه من حال إلى حال لأنا نراه في حال كمال قوته وتمام عقله لا يقدر أن يحدث لنفسه سمعاً ولا بصراً ولا أن يخلق لنفسه جارحة ، يدل ذلك على أنه في حال ضعفه ونقصانه عن فعل ذلك أعجز لأن ما قدر عليه في حال النقصان فهو في حال الكمال عليه أقدر وما عجز عنه في حال الكمال فهو في حال النقصان عنه أعجز .”
“فإذا وقف المسلمون على الحياد، وقالوا: لا نصلح بين الإخوة، ولا نقاتل الباغي، لأن ما وقع هو مصداق لنبؤة النبي - صلى الله عليه وسلم - .. فلا شك أن هذا انحراف في فهم مقصود الشرع، وتخل عن المسؤولية الأخلاقية.”
“إن أردت بقولك ( لا سياسة إلا ما وافق الشرع ) أنه لا يخالف ما نطق به الشرع فصحيح ، وإن أردت أنه لا سياسة إلا ما نطق به الشرع فغلط وتغليط للصحابة”
“وليس شيء أوجب في باب إصلاح العلم من إيقاف دعاة الميوعة عن تنشئة النشء على مبادئ تظهر الشرع في مظهر هيولى تقبل كل صورة على هوى كل عصر.”
“قد خاب بأذيال الضلالات من لم يجمع بتأليف الشرع والعقل هذا الشتات. فمثال العقل : البصر السليم عن الآفات والآذاء ، ومثال القرآن : الشمس المنتشرة الضياء. فأخلق بأن يكون طالب الاهتداء المستغنى إذا استغنى بأحدهما عن الآخر في غمار الأغبياء!فالمعرض عن العقل مكتفيا بنور القرآن مثاله : المتعرض لنور الشمس مغمضا للأجفان!فلا فرق بينه وبين العميان! فالعقل مع الشرع نور على نور”