“انحلال العلاقات التفليدية للعصبية اذا لم يسنده ظهور عصبية جديدة اعلى او اسمى تعطي للفرد المنفصل عن الاسرة او العشيرة او الطائفة شعورا بالحماية والامن والمساواة, يظهر كما لو انه تخل عن الذات وتشريد واستلاب وضياع محض. فالفرد بحاجة الى اطر اجتماعية تستطيع ان تستوعب حاجاته ومشاعره وتقدم له بين افراد الجماعة وضعية يرضى عنها ومعايير يقيس ذاته بها ووسائل تتيح له تحقيق هذه الذات وتنميتها, فهذا التحقيق لا يمكن ان يكون الا جماعيا.”
“لكن من جهة اخرى لم تتحقق ايضا واقعيا الاسس الموضوعية الفعلية لقيام ذاتية دهرية تتجاوز الدين والطائفية وتدفع الى نشوء مشاعر تضامن محلي قومي بغض النظر عن الاصول الاجتماعية او المذهبية. وكان يمكن لمثل هذه الذاتية ان تتطور فعليا لو تحققت دولة عربية واحدة كفيلة بتطوير ثقافة عربية مشتركة ومتجددة تقوم على المساواة الفعلية وتكافئ الفرص بين افراد الجماعة. لكن الوعي الدهري ظل محصورا في فئة اجتماعية ضيقة او انه بقي لدى الطبقات الوسطى قشرة بسيطة تغطي الوعي الديني الجماعي السابق.”
“وصاحب الدعوة لا يمكن ان يستمد السلطان الا من الله ولا يمكن ان يهاب الا بسلطان الله لا يمكن ان يستظل بحاكم او ذى جاه فيمنعه او ينصره مالم يكن اتجاهه قبل ذلك الى الله والدعوة قد تغزى قلوب ذوى السلطان والجاه فيصبحون لها جندا وخدما فيفلحزن ولكنها هى لا تفلح ان كانت من جند السلطان وخدمه فهى من امر الله وهى اعلى من ذوى السلطان والجاه”
“نستطيع ان نقول اكثر من ذلك ان الدولة - الامة اي الدولة القومية فعلا لا يمكن ان تقوم الا اذا كانت دولة تبني شرعيتها على تحقيقها للمطابقة والتماثل الثقافيين للجنس او للعرق. بل على دعوة اجتماعية قابلة للتحقيق ولتقديم الحلول والوسائل الكفيلة بتنظيم الحياة الاجتماعية وتقدم الجماعة. والدولة القومية التي تربط شرعيتها وتقدم شعبها بمجرد كونها مطابقة في حدودها لحدود التجانس الثقافي او العرقي, تلغي اسس شرعيتها كدولة, اي كمؤسسة سياسية تتجاوز التمايزات الثقافية والجنسية في المجتمع المدني, ولا تقوم الا بهذا التجاوز. والدولة التي تفترض نفسها الانعكاس المباشر للجماعة. او للمجتمع المدني, هي بالضبط الدولة التي تغطي فشلها السياسي بانغلاقها الثقافي, اي تغطي عجزها عن ان تكون سلطة فوق المجتمع المدني بتسمية نفسها دولة الشعب, وبالانخراط في المجتمع المدني نفسه وفي تناقضاته. وذلك بدل الارتفاع الى المستوى الذي يسمح بحل هذه التناقضات وتسويتها.”
“ان مشكلة الاقليات هي بالدرجة الاولى مشكلة الاغلبية.اي مشكلة المجتمع العام ذاته. وليست المسالة الاساسية التي تستحق النقاش هنا هي مسألة توجه الاقليات الدينية العربية الى التمايز وتكوين طوائف مستقلة تطمح الى الحفاظ على ذاتيتها. فهذا هو الطابع التاريخي والمنطقي لوجود كل اقلية اجتماعية والا فقدت كونها اقلية ولم يعد هناك اية مشكلة. اذا كنا نعترف ان هناك اقليات فلأننا نعترف ان هناك داخل الجماعة الكبرى جماعات لها فعلا تقاليد متميزة نسبيا عن الجماعة الكبرى وليس لنا ان نطالبها بالتخلي عن هذا التمايز الثقافي دون ان نلغي حقنا في ان يكون لدينا ذاتية ثقافية. لا نستطيع اذن ان نلغي التاريخ بالايمان بضرورة قومية او سياسية ولكننا نستطيع ان نفهم كيف يقود التاريخ الى تكوين الحقيقة القومية السياسية.”
“يجب ان لا ننسى انه لا مجال للثورة في الوطن العربي الا عن طريق الجيش..ليس بالامكان قياو ثورة شعبية مثل الثورة الفرنسية او الروسية او الصينية..الجيش هو الطليعة و هو الامل”