“لا حول ولا قوّة إلاّ بالله . . عاد رمضان ، وعادت على مائدة إفطارنا الأطباق إياها التي أفطرنا عليها على مدى عقود . هذا العام أيضاً ، لا أمل أن نشق الفطر من دون أن نغصّ بدمعنا . المآسي حجزت لها مكانا على مائدتنا ، فالمسلسل الرمضاني الوحيد الذي لا يبثّ حصريّاً على قناة بالذات ، بل سنتابعه مكرهين على كلّ الفضائيات ، هو مسلسل " الموت في سوريا " . وهو عمل درامي بالمفهوم الحقيقي للكلمة ، لا نعرف له مُخرجاً أو منتجا ً، برغم ذلك لا يحتاج إلى حملة إعلانيّة ، ولا إلى أخبار ترويجيّة ، أو إلى استضافة لنجومه ، فهو الخبرالأول في كلّ نشرة . نجمه الوحيد " الموت " ، يذهلنا يوماً بعد آخر في أدواره الدمويّة ، يبتدع فظاعات ما شاهدناها من قبل ليبكينا ، يحتاج في أيامه العاديّة إلى مئة إنسان كوجبة يوميّة ، كي يفوز بأوسكار الموت العربي دون منازع .لذا لم يُبقي على أي ممثل حيّاً . ذاهباً حدّ" التمثيل" بجثث من أرادوا أن يسرقوا منه دور " البطولة " . أمّا طموحه الدرامي ، فقتل المشاهدين أيضاً قهراً وأسى ، وجعلهم يخجلون من بقائهم على قيد العروبة . . وعلى قيد الحياء .”
In this quote from the author Ahlam Mosteghanemi, she reflects on the return of Ramadan and the heaviness that comes with the tragic events unfolding in Syria. The quote discusses the impact of the Syrian war, likening it to a drama series where death is the only star. The author highlights the gruesome reality of the conflict and the toll it takes on viewers, making them question their continued presence in the Arab world and their sense of shame for not intervening. The quote conveys a sense of despair and helplessness in the face of ongoing tragedy.
The excerpt highlights the ongoing tragedy in Syria and the impact it has on individuals during the holy month of Ramadan. The description of the "drama" of death unfolding in Syria serves as a poignant commentary on the devastating reality faced by many in the region. This piece captures the despair and helplessness felt by those witnessing the continued violence and loss of life in Syria.
In this passage from a text by Ahlam Mosteghanemi, the author reflects on the return of Ramadan and the tragic reality in Syria, comparing the fasting experience with the ongoing violence in the country. The use of "لا حول ولا قوّة إلا بالله" (There is no power nor strength except through Allah) highlights the despair and helplessness felt amidst the heartbreaking events in Syria.
In this passage by Ahlam Mosteghanemi, the author reflects on the impact of the ongoing tragedies in Syria on their experience of Ramadan. Consider the following questions to delve deeper into the themes and emotions presented in the text:
How does the author use language and imagery to convey the sense of despair and helplessness felt during Ramadan in light of the situation in Syria?
What does the author's mention of the television series "Death in Syria" reveal about the pervasive nature of the conflict and its impact on Arab society as a whole?
Reflect on the author's statement, "He has no need for a hundred extras in his daily scenes, to win the undisputed Arab Oscar of death." What does this say about the normalization of violence and tragedy in the region?
How does the author challenge the audience's sense of identity and belonging with the line, "He made the viewers ashamed of their remaining Arabness. And of their remaining modesty"?
Consider how the portrayal of death as the central figure in the series reflects broader societal attitudes towards suffering, loss, and resilience in the face of ongoing conflicts.
These questions can help deepen your understanding of the text and provoke introspection on the themes presented by the author.
“إنّه الموت.. في فصاحته الظالمة " في تاريخ المجازر يتكلّم الموت أوّلاً ، ثم يتكلّم القتيل ، ثم يتكلّم القاتل "علينا أن نتتظر طويلاً قبل أن يتكلّم القتلة ، الذين يواصلون التباهي بإنجازاتهم الدمويّة في سوريا . سارقين الأضواء في كلّ نشرة إخباريّة ، بفظاعة ابتكاراتهم الوحشيّة .القتلة لا وجوه ولا لسان لهم ، الموت يتكلّم عنهم ، لهم صوت الرصاص والمدافع والسكاكين . أماّ القتيل فهو ومضة صورة ، تأخذ معها أثناء عبورها شاشتنا حيوات عدّة ، لأناس كانوا آمنين ، وما توّقّعوا أن يعبروا يوماً نشرات الأخبار جثثا ملقاة في الشوارع ، أو أشلاء محمّلة في شاحنات للبضائع .الموت في فصاحته الظالمة ، لا يشرح ، لا يدقق ، لا يعتذر . لاوقت له ، دوما ثمّة وجبة بشريّة في انتظاره .تتقدّم دبّابة فوق جثة سبق لقناّص أن قتل صاحبها لقتل الوقت ، فتُحوّلها من كائن بشريً إلى مواد أوّليّة ، وتواصل طريقها . وتهدّ المدافع البيوت على ساكنيها غير آبهة بوداعة زمن إنسانيّ غدَى في لحظةٍ خراباً ، وينطلق الرصاص ليجهز على رجال يصطفّون مكبّلين ويتركهم أرضاً في انتظار من يجازف بدفنهم . ثمّ يأتي دور الأطفال المذهولين من أمرهم ، فيكون من نصيبهم الذبح بالسكاكين ، قبل أن يستوعبوا ما يحدث لهم .نحن في القرن الواحد والعشرين ، و في كوكبنا ، على مقربة منّا ، ثمّة بلدان يُسجن فيها من يسيء معاملة حيوان أيّاً كانت فصيلته . لكن ، نوبات الجنون الدمويّ ، التي مارس مذابحها القتلة باختلاف هوياتهم في العالم العربي بالتناوب ، مرورا بعشرية الدم في الجزائر ، وما عرفه لبنان من فضائع في السبعينات ، ومن بعده العراق ، واليوم سوريا ، تجعلنا نفضّل على الجنس البشريّ معاشرة الحيونات الضاريّة . فقد كان برنارد شو صادقاً في قوله :" الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يثير رعبي ".كيف استطاعوا فعل ذلك ؟ مجرّد تصوّري رجلاً راشداً يهجم على عنق طريّة لطفل ، فيقطعها بجرّة من سكين ، على مرآى من أطفال وأمهات ينتظرون الذبح متظرّعين منتحبين ، يفسد علاقتي بالجنس البشري .لكن الذين فعلوا ذلك عادوا إلى بيوتهم مبتهجين غانمين ، كما يعود الصيّادون محمّلين بجثث العصافير معلّقة إلى حبل صيدهم . أليس لهم أولاداً ؟ أليس لهم إخوة ؟ أليس لهم حبيبات ؟ أتدري أمّهاتهم ماذا يفعلون بين اللحظة التي يغادرون فيها البيت . . ولحظة عودتهم للجلوس أمام مائدة العشاء ومشاهدة التلفزيون ؟ليس سؤالي عن " سجلّهم العدليّ" . . أتساءل فقط هل لهؤلاء " سجل عائليّ " ؟!”
“لو تدري لذة أن تمشي في شارع مرفوع الرأس ، أن تقابل أيّ شخص بسيط أو هام جداً، دون أن تشعر بالخجل.هناك من لا يستطيع اليوم أن يمشي خطوتين على قدميه في الشارع ، بعدما كانت كلّ الشوارع محجوزة له . وكان يعبرها في موكب من السيارات الرسمية”
“الكبار يقولون في صمتهم بين جملتين، أو في صمتهم أثناء عشاء حميم، ما لا يقوله غيرهم خلال أشهر من الصمت؛ ذلك أنّ الصمت يحتاج في لحظة ما أن يكسره الكلام ليكون صمتًا. أمّا الصمت المفتوح على مزيد من الصمت، فهو يشي بضعف أو خلل عاطفيّ ما يخفيه صاحبه خلف قناع الصمت خوفًا من المواجهة.”
“أن تنسي شخصًا أحببته لسنوات، لا يعني أنّك محوته من ذاكرتك. أنت فقط غيّرت مكانه في الذاكرة. ما عاد في واجهة ذاكرتك. حاضرًا كلّ يوم بكلّ تفاصيله. ما عاد ذاكرتك كلّ حين. غدا ذاكرتك أحيانًا. الأمر يتطلّب أن يشغل آخر مكانه، و يدفع بوجوده إلى الخلف في ترتيب الذكريات.ذلك أن الذكريات لا تموت. هي تتحرك فينا تخبو كي تنجو من محاولة قتلنا لها. ثمّ في أوّل فرصة تعود و تطفو على واجهة قلبنا. فنختفي بها كضيف افتقدناه منذ زمن بعيد و مرّ يسلّم علينا و يواصل طريقه.الذكريات عابر سبيل لا يمكن استبقاؤها مهما أغريناها بالإقامة بيننا.هي تمضي مثلما جاءت. لا ذكريات تمكث. لا ذكريات تتحوّل حين تزورنا إلى حياة. من هنا سرّ احتفائنا بها. و ألمنا حين تغادرنا. إنّها ما نجا من حياة سابقة.الذكريات هي هويتنا الأخرى التي نخفي حقيقتها عن الآخرين.”
“مذ مذبحة الحولة ما عدت كاتبة، أنا أمٌّ تنتحب. تلك الطفولة النائمة في لحاف دمها عرّتني من أي مجد أدبي، أصغر طفل مُسجّى في شاحنات الموت هو أكبر من أيّ كلمات قد يخطها قلمي. اسمحوا لي أن أصمت بعض الوقت. لا حبر يتطاول على الدمّهؤلاء الصغار الذين ذهبوا في براءة ثياب طفولتهم، يواصلون نومهم في أكفان أصغر من أقدارهم، خضّبوا بدمهم دفاتري، شلوا برحيلهم.. يدي. بعدهم أصبحت أخجل أن أكون مازلت على قيد إنسانيتي، أتقاسم الحياة في هذا العالم مع قتلة، يحملون أوراقاً ثبوتيّة تدّعي انتسابهم لفصيلة البشر. يوماً، إذا تجاوز دمعي ذهوله، سأكتب، رحم الله شهداء سوريا الحبيبة الصغار منهم والكبار، وعوّضهم في الآخرة بحياة أجمل من التي سُرقت منهم في هذا العالم الذي أمسى حقيراً".”
“ستشرع يإعلان الحرب على كل ما يتشبّث به قلبها من أصفاد، بدءًا بجهاز الهاتف الذي أهداه إليها. لا تريد هاتفًا ثمينًا لا يدقّ، بل هاتفًا بسيطًا يخفق، الأشياء الفاخرة تنكّل دائمًا بأصحابها .ما نفع موسيقى الدانوب الأزرق التي غدت تؤذيها حدّ البكاء؟ تريد سماع رنّة عاديّة، قلبها، لا الهاتف، من يعزف سمفونية لسماعها. عليها أن تتخلّص من كلّ شيء كان جميلاً وكانت ذكراه الأغلى على قلبها”