“إنه لا بد للمجتمعات اليوم من عقيدة، فخواء المجتمعات الغربية من العقيدة يجرفها دولة بعد دولة، و شعباً بعد شعب إلى هاوية المادية. و هذه المجتمعات الغربية لا تملك أن تدفع عن نفسها هذه الكارثة، لأنها تعتمد على القوة وحدها في دفع مذهب يصوغ نفسه في شكل عقيدة، أما نحن فإننا نملك.. إن لدينا فرصة ليست متاحة للغربيين. إننا نملك إقامة نظامنا الاجتماعي على أساس عقيدة أقوى و أشمل و أكمل، فمن الحمق إذن أن نفرط في هذه الفرصة تقليداً للمجتعات الغربية التي تترنح و في يدها القوى المادية بكل صنوفها، و نحن لا نملك إلا القليل من هذه القوى.”
“لا كفاح بلا عقيدة، ولا حياة بلا عقيدة، ولا إنسانية بلا عقيدة”
“لقد تولت يد القدرة إدارة المعركة بين الإيمان و الطغيان فلم يتكلف أصحاب الإيمان فيها شيئاً سوى اتباع الوحي و السرى ليلاً. ذلك أن القوتين لم تكونا متكافئتين و لا متقاربتين في عالم الواقع.. موسى و قومه ضعاف مجردون من القوة، و فرعون و جنده يملكون القوة كلها. فلا سبيل إلى خوض معركة مادية أصلاً. هنا تولت يد القدرة إدارة المعركة. و لكن بعد أن اكتملت حقيقة الإيمان في نفوس الذين لا يملكون قوة سواها. بعد أن استعلن الإيمان في وجه الطغيان لا يخشاه و لا يرجوه؛ لا يرهب وعيده و لا يرغب في شيء مما في يده..يقول الطغيان: (فلأقطعن أيدكم و أرجلكم من خلاف و لأصلبنكم في جذوع النخل) فيقول الإيمان: (فاقض ماأنت قاض. إنما تقضي هذه الحياة الدنيا).. عندما بلغت المعركة بين الإيمان و الطغيان في عالم القلب إلى هذا الحد تولت يد القدرة راية الحق لترفعها عالية، و تنكس راية الباطل بلا جهد من أهل الإيمان.”
“هذا هو قانون العمل و الجزاء.. لا جحود و لا كفران للعمل الصالح متى قام على قاعدة الإيمان.. و هو مكتوب عند الله لا يضيع منه شيء و لا يغيب.و لا بد من الإيمان لتكون للعمل الصالح قيمته، بل ليثبت للعمل الصالح وجوده. و لا بد من العمل الصالح لتكون للإيمان ثمرته، بل لتثبت للإيمان حقيقته.إن الإيمان هو قاعدة الحياة، لأنه الصلة الحقيقية بين الإنسان و هذا الوجود، و الرابطة التي تشد الوجود بما فيه و من فيه إلى خالقه الواحد، و ترده إلى الناموس الواحد الذي ارتضاه، و لا بد من القاعدة ليقوم البناء. و العمل الصالح هو هذا البناء. فهو منهار من أساسه ما لم يقم على قاعدته.و العمل الصالح هو ثمرة الإيمان التي تثبت وجوده و حيويته في الضمير. و الإسلام بالذات عقيدة متحركة متى تم وجودها في الضمير تحولت إلى عمل صالح هو الصورة الظاهرة للإيمان المضمر.. و الثمرة اليانعة للجذور الممتدة في الأعماق.و من ثم يقرن القرآن دائماً بين الإيمان و العمل الصالح كلما ذكر العمل و الجزاء. فلا جزاء على إيمان عاطل خامد لا يعمل و لا يثمر. و لا على عمل منقطع لا يقوم على الإيمان.”
“لقد قامت كل عقيدة بالصفوة المختارة , لا بالزبد الذي يذهب جفاء , ولا بالهشيم الذي تذروه الرياح !”
“ن النصوص وحدها لا تصنع شيئا وإن المصحف وحده لا يعمل حتى يكون رجلا وإن المبادىء وحدها لا تعيش إلا أن تكون سلوكا.ومن ثم جعل محمد هدفه الأول أن يصنع رجالا لا أن يلقى مواعظا،وأن يصوغ ضميرا لا أن يدبج خطبا، وأن يبنى أمة لا أن يقيم فلسفة.أما الفكرة ذاتها فقد تكفل بها القرآن الكريم، وكان عمل محمد صلى الله عليه وسلم أن يحول الكرة المجردة إلى رجال تلمسهم الأيدى وتراهم العيون”