“العالم بأسره يشترك في تمثيل رواية مضحكة وادعى مناظرها إلى الضحك أنهم لا يضحكون من أنفسهم وهم يمثلون كأنهم جادون فيما يعملون”
“إن الوعظ يجعل الناس شديدين في نقد غيرهم ، فالمقاييس الأخلاقية التي يسمعونها من أفواه الوعاظ عالية جداً . وهم لا يستطيعون تطبيقها على أنفسهم ، فليجأون إلى تطبيقها على غيرهم ، وبذا يكون نقدهم شديداً .”
“فلما صاحوا : " الله أكبر ...! " ...فقال :إن هذه كلمة يدخلون بها صلاتهم، كأنما يخاطبون بها الزمن أنهم الساعة في وقت ليس منه ولا من دنياهم، وكأنهم يعلنون أنهم بين يدي من هو أكبر من الوجود، فإذا أعلنوا انصرافهم عن الوقت وشهوات الوقت، فذلك هو دخولهم في الصلاة؛ كأنهم يمحون الدنيا من النفس ساعة أو بعض ساعة؛ ومحوها من أنفسهم هو ارتفاعهم بأنفسهم عليها ...”
“فالايطاليون فيهم حيوية وشباب وطفولة ايضا .. وهم يؤمنون بتشغيل كل الحواس .. انهم ابناء هذه الدنيا .. هذه الارض .. وهم يضحكون .. كأنهم مكلفون بالضحك نيابة عن كل شعوب الشمال في اوروبا , فهم ينظرون الي كل شئ ويجدون شيئا يجعلهم يضحكون.. اي شئ ..ومن النادر جدا الا يجد الايطالي نكتة او قفشة في اي شئ ينظر اليه اة يجعله يتذكره او يعلق عليه .. علي عكس سكان اوروبا الشمالية .. ويبدو ان الايطاليين قد اقتسموا الدنيا مع الاوروبيين الاخرين : هم يضحكون وغيرهم يفكرون ويحزنون !”
“وبدأوا يضحكون ضحكا حقيقيا ..وما كان يأتيهم الضحك إلا بشق الانفس ..كانوا يضحكون أول الامر وهم فقط يقلـّـدون من يضحكون ..ثم يحسون أن ما هم فيه يستحق الضحك فعلا فيضحكون ..ثم يرون أن ما أمامهم فرصة ينعمون فيها بضحك لا ثمن له , وهم ما اعتادوا أمثال تلك الفرص .. فيضحكون لحاضرهم ويختزنون ضحكات اخرى للمستقبل ..ثم كانوا يتذكرون ما قاسوه فى النهار, وما سوف يبذلونه فى الغد المقبل فيتشبثون بما هم فيه من ساعة أنس , فيضحكون ويغصبون على انفسهم ويضحكون أكثر وأكثر ..ولا يدوم هذا الى الابد .. فسرعان ما يمسح عجوز منهم الدمعة الضاحكة عن عينه , ويقول بصوت فيه رنة ندم وكأنه اقترف اثما :اللهم اجعله خير يا ولاد !”
“لو أنهم يعلمون كيف يكون حالنا في غيابهم .. لما ذهبوا .. أعذرهم فهم لا يعملون حجم الفراغ الذي تركوه خلفهم ..”