“الغار، من ظلمته انبعث نور غطى وجه العالم أجمع.وذلك الرجل الذي كان مرشحاً ليصير واحداً من .. أولئكالزهاد المنفصلين عن المجتمع والواقع والتاريخ.. ذلك الرجل صار أمة! عندما جاءت تلك اللحظة.اللحظة - الذروة.”
“علي أن أقر، أني لم أكن أفهم الحكمة من ذلك النهي النبوي الشريف عن إغماض العينين في الصلاة..عدم فهم الحكمة لا يعني قطعا، و لا بأي شكل من الأشكال، عدم الإلتزام بهذا النهي و التقيد به.. لكني أقر، أني لم أكن أفهم فحواه، فإغماض العينين، يساعد على التركيز، على التأمل، و كلها مقدمات طبيعية لما نوليه أهمية كبيرة -عن حق-: الخشوع.. كان هناك النهي.. و يكون هناك الإلتزام.. و ربما عندما تنتأمل في الأمر نجد تلك الحكمة..الآن أفهم تلك الحكمة، الراسية مثل جذور جبل شامخ في الأرض، فإغماض العينين، و لو بينة الخشوع و التأمل، يتيح لك الدخول في عالم اإفتراضي، عالم خارج واقعك المحسوس.. يتيح لك فرصة الهرب من العالم المحيط بك.. بكل ما فيه مما يستدعي الهروب..إغماض العينين ينمنحك ذلك و لو لدقائق.. و لو بنية التركيز و التأمل.. و لو من أجل الخشوع..لكن لا!الصلاة، أبدا ليست من أجل الهروب من العالم، ليست من أجل التسلل من هذا الواقع..إنها على العكس، من أجل الولوج فيه.. من أجل اقتحامه.. إنها من أجل مواجهته بكل ما فيه”
“كان الصبر هو صبر المواجهة ، صبر التحدي ، صبر التغيير ، صبر أولي العزم من الرسل الذين غيروا وكافحوا وجاهدوا وتركوا بصمات بل آثارا لا تنسى على وجه الحضارة الإنسانية..إنه صبر الفعل والمفاعلة والتفعيل.. الصبر على ذلك كله وفي أثناء ذلك كله..إنه الصبر البناء.. الذي يبني الفرد والأمة.”
“التمعُّر الذي يمنعُ العذاب , و الذي يفتقدهُ العبد الصالح في القرية الفاسدة هُو في النهاية تلك الهويَّة الحقيقية الَّتي تفصح -من أقرب الطرق و أوضحها- عن حقيقة انتمائك !”
“من غار مظلم صغير،لايكاد يكفي رجلاً واحداً،في جبال مدينة كانت على هامش التاريخ،انطلقت تلك النهضة التي غيرت التاريخ!”
“لكن مع الرؤية السائدة، وبسبب الموقف الغامض من القدر لم يعد الصبر تلك الوسيلة الفعالة للتغيير، على العكس لقد صار أداة لإبقاء الوضع على ما هو عليه، صار مجرد وسيلة للتحمل، أداة تسكين وتخفيف للألم مع أقل قدر ممكن من التشكي والتضجر.إنه صبر المفعول بهم لا صبر الفاعلين الذين غيروا العالم، إنه الصبر الذي يشبه نبتة أخرى، ليسة نبتة الصبار بل الأفيون، الصبر المخدر الذي يعلقه الناس ليجتروا حياتهم بكل آلامها ومعاناتها، ومظاهر سلبياتها، يحتاجه الناس لكي يتعايشوا مع واقعهم المرير - الذي لا يملكون تغييره - ولا حتى يفكرون بتغييره.إنه ليس الصبر على التغيير والتحدي، بل الصبر عن التغيير وعن التحدي وعن المواجهة، إنه الصبر المرادف للإنتظار المجرد، الإنتظار الفارغ من أي أمل أو أي رغبة في كسر هذا الفراغ، انتظار الأشرعة المكسورة لكل ما قد تأتي به السفن، الإنتظار الذي قد يكون مفتاحاً للفرج!إنه الصبر الذي صار جزءاً من عاداتنا وتقاليدنا وسلوكياتنا .. من أمثالنا وأعرافنا، صار لصيقاً بنا في كل مفردات حياتنا: حتى في الأغاني! لو فتحنا أي مذياع على أي محطة إذاعية وأستمعنا للبث المباشر وطلبات الأغاني لوجدنا مفردة الصبر تتكرر بنسبة مذهلة: إنه صبر العاشقين الذي لا يعني أكثر من كونهم محرومين وينتظرون! ليس أكثر من حبة مسكنة للألم أو فاليوم مهدئ وربما أحياناً تصل الجرعة منه إلى الأفيون.ذلك هو الحاصل النهائي لمفهوم الصبر بعد أن تم الترسيم والتنظير الإيديولوجي لتخلية الإنسان من مسؤولية أفعاله وإرادته.”
“أقول لك : لا تلعن الظلام , و لا تشعل شمعة ..ولكن دع النُّور تاذي نبت في قلبك و بزغ في صدرك و سطع على وجهك ينير العالم من حولك هناك ..إنهُ نور محمد الذي أتحدَّثُ عنه !”