“هذا القرآن يقلب شخصيتك و معاييرك و موازينك و حميتك و غيرتك و صيغة علاقتك بالعالم و العلوم والمعارف و التاريخ ..”
“نزول الكتب على الرسل ليس بدعة مستغربة فهاهما ذان موسى و هارون آتاهما الله كتاباً.و يسمى هذا الكتاب (الفرقان) و هي صفة القرآن. فهناك وحدة حتى في الاسم. ذلك أن الكتب المنزلة كلها فرقان بين الحق و الباطل، و بين الهدى و الضلال، و بين منهج في الحياة و منهج، و اتجاه في الجياة و اتجاه. فهي في عمومها فرقان. و في هذه الصفة تلتقي التوراة و القرآن.”
“و أتيح لأتباع التابعين أن يسمعوا فتاوى المفتين من الصحابة و التابعين، فهيأ ذلك الفرصة لهم ليدلوا ببعض آرائهم اجتهاداً و استنباطاً، ولا سيما في القضاء و الفتوى. ثم كان من العوامل التي أعانت القوم على تكوين المذاهب الفقهية تدوين القرآن و السنة، و جمع فقه الصحابة و فتاواهم في الواقع، و تصنيف طائفة غير قليلة من العلوم التي تقوٍّي ملكات الاجتهاد و الاستنباط و القياس، كعلوم اللغة العربية، و تفسير القرآن، و أدب المناظرة، و علم الكلام. و زاد من ذلك كله تشجيع الخلفاء للحركة الفقهية، و عنايتهم بمجالس البحث و النظر، و رغبة الكثيرين منهم في الجدل العلمي الدقيق. نتيجة لتلك العوامل نشأت المذاهب الفقهية، و كان منها المذاهب الفردية التي انقرضت و لم يكتب لها البقاء، و المذاهب الجماعية التي كونت مدارس و وضعت مناهج للبحث التشريعي في ضوء مصادر التشريع.”
“فالقرآن لا يدركه حق إدراكه من يعيش خالي البال من مكان الجهد و الجهاد لاستئناف حياة إسلامية حقيقية, و من معاناة هذا الأمر العسير الشاق و جرائره و تضحياته و آلامه, و معاناة المشاعر المختلفة التي تصاحب تلك المكابدة في عالم الواقع, في مواجهة الجاهلية في أي زمان.إن المسألة -في إدراك مدلولات هذا القرآن و إيحاءاته- ليست هي فهم ألفاظه و عباراته, ليست هي -تفسير القرآن- كما اعتدنا أن نقول!!المسألة ليست هذه, إنما استعداد النفس برصيد من المشاعر و المدركات و التجارب التي صاحبت نزوله, و صحبت حياة الجماعة المسلمة و هي تتلقاه في خضم المعترك.. معترك الجهاد.. جهاد النفس و جهاد الناس, جهاد الشهوات و جهاد الأعداء.و الذين يعانون اليوم و غدا مثل هذه الملابسات, هم الذين يدركون معاني القرآن و إيحاءاته, و هم الذين يتذوقون حقائق التصور الإسلامي كما جاء بها القرآن, لأن لها رصيدا حاضرا في مشاعرهم و تجاربهم , يتلقونها به و يدركونها علي ضوئه.. و هم قليل.”
“و هكذا أيضاً فلا يجوز أن يترك المجاهدون الواجب عليهم من العلوم التي هي فرض عين ، كالتوحيد و ترك الشرك و سائر أصول الإيمان ، و كالعبادات الواجبة و معرفة الحلال و الحرام في المطاعم و المشارب و الملابس و المعاملات ، فإن جهلهم و معاصيهم من أعظم أسباب هزيمتهم.”
“ثلاث منجيات فاغتنموهن، و ثلاث مهلكات فاجتنبوهن: فالصلاة و القرآن و دوام المراقبة منجيات في الدنيا مسعدات في الآخرة، فاحرصوا على الصلوات في أوقاتها و جماعاتها، و تفقهوا في أحكامها، و جودوا ما تقرأون من أذكارها و آياتها، و اخشعوا و اطمئنوا حين أدائها، و اقرأوا القرآن ما استطعتم في خشوع و تدبر. و راقبوا الله في كل حركة و سكون، فمن كان مع الله كان الله معه.و الخمر و الميسر و الشهوة الجامعة مهلكات في الدنيا مشقيات في الآخرة، فاحذروا الكأس الأولى و تجنبوا مجالس المستهترين العابثين، و غضوا أبصاركم، و احفظوا فروجكم، و فروا من صديق السوء و الفتاة الماجنة، و احذروا همزات الشياطين.”