“كانت ضربة الغزالي للعقل من زاوية تفكيك العلاقة بين الأسباب والنتائج، أو بين العلل ومعلولاتها، وانتهى الأمر إلى اعتداء السلاطين من جانب الفقهاء- بعد حوالي قرن من وفاة الغزالي- على كل من يتعاطى الفلسفة تعلما أو تعليما، لأن الفلسفة " أس السفة والانحلال، مادة الحيرة والضلال، ومثار الزيغ والزندقة.ومن تفلسف عميت عينه عن محاسن الشريعة المطهرة المؤيدة بالحجج الظاهرة والبراهين الباهرة، ومن تلبس بها تعليما وتعلما قارنه الخذلان والحرمان، واستحوذ عليه الشيطان...فالواجب على السلطان أن يدفع عن المسلمين شر هؤلاء المشائيم، ويخرجهم عن المدارس ويبعدهم، ويعاقب الاشتغال بفنهم، ويعرض من ظهر منه اعتقاد عقائد الفلاسفة على السيف أو الإسلام، لتخمد نارهم، وتمحى آثاره وآثارهم "وهكذا ينتهي الخطاب السلفي إلى التعارض مع الإسلام حين يتعارض مع أهم أساسيته" العقل "، ويتصور أنه بذلك يؤسس "النقل" والواقع أنه ينفيه بنفي أساسه المعرفيي. إن العودة إلى الاسلام لا تتم إلا بإعادة تأسيس العقل في الفكر والثقافة، وذلك على خلاف ما يدعو إليه الخطاب الديني المعاصر من تحكيم للنصوص، مرددا أصداء نداء أسلافه الأمويين الذي أدى إلى نتائجه المنطقية في الواقع الإسلامي.”
“وهكذا ينتهى الخطاب السلفي إلى التعارض مع الإسلام حين يتعارض مع أهم أساسياته "العقل" ويتصور أنه بذلك يؤسس "النقل" والواقع أنه ينفيه بنفي أساسه المعرفي. إن العودة إلى الإسلام لا تتم إلا بإعادة تأسيس العقل في الفكر والثقافة.”
“إن كثيرًا من المغالين لا يرون إلا جزءًا من الصورة، وهو تراجع مستوى حكام المسلمين عن المستوى الذي كان عليه حكام الامة في صدر الإسلام. أو الذي كان عليه الصفوة من حكام الامة على مدار التاريخ الإسلامي، وهم لا ينظرون إلى التراجع الخطير الذي حدث على المستوى الشعبي العام.”
“وقد صالح خالد بن الوليد أهل الحيرة على أنه: (أيما شيخ ضعف عن العمل، أوأصابته آفة من الآفات، أو كان غنيا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحتجزيته، وعيل من بيت مال المسلمين وعياله ما أقام بدار الهجرة ودار الإسلام، فإنخرجوا إلى غير دار الهجرة ودار الإسلام فليس على المسلمين النفقة على عيالهم)”
“إن العقل الأوربي من أقرب العقول إلى الإسلام، وقد فقد ثقته فيما لديه من مواريث روحية أو مدنية، بيد أنه ليس مغفلا حتى يفتح أقطار نفسه لأناس يعرضون عليه باسم الاسلام قضايا اجتماعية أو سياسية منكرة!إن الأوربيين بذلوا دماء غزيرة حتى ظفروا بالحريات التي ظفروا بها، فهل يقبل أحدهم أن تعرض عليه عقيدة التوحيد مقرونة بنظام الحزب الواحد، ورفض المعارضات السياسية، ووضع قيود ثقيلة على مبدأ الشورى وسلطة الأمة؟؟ والمسلم الذي يعرض دينه بهذا اللون من الفكر، أهو داعية لدينه حقا؟ أم جاهل كبير يريد أن ينقل للناس أمراضا عافاهم الله منها؟إن هذا المتحدث الأحمق فتان عن الإسلام! ويشبه في الغباء من يعرض عقيدة التوحيد مقرونة بضرب النقاب على وجوه النساء! من يسمع منه؟ وكيف يريد فرض رأي من الاراء أو تقليد من التقاليد الشرقية باسم الإسلام؟ما أكثر القمامات الفكرية بين شبابنا!”
“يقول أحد المستشرقين في كتاب "الشرق الأدنى، مجتمعه وثقافته": "إننا في كل بلد إسلامي دخلناه، نبشنا الأرض لاستخراج حضارات ما قبل الإسلام. ولسنا نطمع بطبيعة الحال أن يرتد المسلم إلى عقائد ما قبل الإسلام، ولكن يكفينا تذبذب ولائه بين الإسلام وبين تلك الحضارات"!ولعل من الأمثلة الواضحة على ذلك قول "شاعر النيل" حافظ إبراهي:أنا مصري بناني من بنى هرم الدهر الذي أعيا الفنا!ذلك مع أن له شعرا كثيرا في "الإسلاميات"!والمستشرق -الصريح- يكتفي منه بهذا التذبذب بين الفرعونية وبين الإسلام! كما يكتفي من غيره بالتذبذب بين الإسلام والآشورية أو الفينيقية أو البربريو أو الجاهلية العربية أو غيرها من الجاهليات!”