“شهدت بداية الستينيات اتجاه الشاه إلى اتباع سياسة تصفية العناصر والتيارات السياسية التي عارضته ووقفت بجوار الدكتور محمد مصدق في مواجهته الشهيرة للشاه وأسرته عام 1952 وتلك كانت المهمة الاساسية التي انيطت بجهاز الشرطة السرية (الساواك) الذي أنشأه الشاه عام 1953 (الكلمة اختصار لعبارة "سازمان اطلاعات وأمنيت كشور" أي منظمة المخابرات وأمن الدولة، ثم توالت الضربات المتلاحقة التي أصابت اليسار الايراني ممثلا بحزب توده المركسي. إذ تم اعتقال اعداد ضخمة من أعضائه قدرتهم مصادر الحزب بحوالي 5000 عضو، بينهم 40 اعدموا، و14 ماتو تحت التعذيب، واكثر من 200 حكم عليهم بالسجن المؤبد”
“قد كان مناخ الستينيات في إيران ذروة المواجهة مع قوى الاستعمار وأذنابه وكانت الجماهير معبأة ومشحونة وجاهزة للانفجار بعد أن تتابعت حلقات الثورة في المنطقة فقد انفجر الموقف في سوريا سنة 1949، وتزلزل عرش الشاه بعد تأميم نفط إيران على يد محمد مصدق سنة 1952 ، وقامت ثورة يوليو في مصر سنة 1952 ،وتتابعت بعدها الثورات في العراق واليمن، الشمالي والجنوبي، والجزائر وهو ما ارتبط بظهور منظمة فتح الفلسطينية ، وفي هذا المناخ قد قامت العاصفة ضد الشاه ودوّت العبارات الرافضة للنظام ولكل رموزه وممارساته”
“لأن الشاه في عودته إلى العرش كان مدينا للمخابرات المركزية الأمريكية بالدرجة الأولى، فإن ارتباطة بالمخططات الأمريكية تزايد منذ عام 1953 ، إذ تضخمت أعداد المستشارين الأمريكيين عسكريين ومدنيين حتى وصل عددهم إلى أربعين ألفا وصدر قانون يمنحهم حصانة قضائية خاصة.مما اثار سخط علماء الدين والعامة في البلاد”
“ كانت التركة التي ورثتها اقتصاديا أسوأ من التركة السياسية فاستقلال أي بلد حر هو في حقيقته الاستقلال الاقتصادي و ليس الشعارات السياسية..”
“حاول الشاه أن يحسن من صورته امام الناس وأمام العالم الخارجي عن طريق اقامة هياكل سياسية وهمية توحي بشكل الممارسة الديموقراطية فأنشأ حزبين توأم هما : "مردم" اي الشعب، و"مليون" أي الوطنيون، وهو الذي سمي فيما بعد "إيران نوين" أي ايران الجديدة. ونصّب اثنين من رجالة على راس الحزبين، ولجأ فيما بعد سنة 1975 إلى إلغاء الحزبين واستبدالهما بحزب واحد هو "رستاخيز ملت" أي البعث الشعبي، وأعلن أن من لا ينضم إلى حزبه إما عميل أو خائن وعليه إما يغادر البلاد أو يدخل السجن، .. وهو ما أثار الجماهير ودفعها إلى السخرية المرة من الشاه وحزبه "رستاخيز" فأطلقت في طهران على صحيفة الحزب الذي حملت اسمه كلمة واحدة هي : "رسوا خير" ومعناها "منبع الفضيحة"ـ”
“ لم يكن الاستدلال بالطبيعة مؤهِّلاً للرّدّ على الشُّبه التي أثارها الاحتكاك بأصحاب الأديان الأخرى وبالفلاسفة خاصّة. وكان لابدّ من شحذ الأدلة حتى ينتقل الكلام في التّوحيد من صعيد التجربة الذّاتية الحرّة غير المقيّدة إلى مستوى المنظومة العقليّة العامّة التي تتقيّد بشروط خاصة في التفكير وتهدف إلى بناء تفسير واضح المعالم قادر على الإقناع. وتلك كانت بداية الانغلاق في أنساق مضبوطة الحدود، إذ عمد المتكلمون إلى صياغة الأدلّة على وجود الله بالاعتماد على التأصيل المنطقي. ”