“وإنما الرجولة في خلال ثلاث: غَمَل الرجل على أن يكون في موضعه من الواجبات كلها قبل أن يكون في هواه؛ وقبوله ذلك الموضع بقبول العامل الواثق من أجْره العظيم؛ والثالثه:قدرتُه على العمل والقَبول إلى النهاية.ولن تقوم هذه الخلال إلا بثلاث أخرى : الإدراك الصحيح للغايه من هذه الحياة؛ وجعل ما يحبه الإنسان وما يكرهه موافِقاً لما أدرك من هذه الغايه؛ والثالثة القدرةُ على استخراج معاني السرور من معاني الألم فيما أحبَّ وكَرِه على السواء.”
“ألا ما اتعب الإنسان بحياته وموته! إن هذه الحياة مصيبة كتبت على الأرواح لإيجاد عيوبها في عالم العيوب؛ والموت مصيبة كتبت عليها لنقل هذه العيوب معها إلى العالم الآخر؛ فما عسى أن يكون الجمال و الحب إلا تخفيفا من مصيبتين أو.. أو زيادة فيهما؟”
“وما الشقاء إلا خَلَّتان من خلال النفس: أما واحدة فأن يكون في شرهك ما يجعل الكثير قليلًا، وهذه ليست لمثلي ما دمت على حد الكَفَاف من العيش؛ وأما الثانية فأن يكون في طمعك ما يجعل القليل غير قليل، وهذه ليس لها مثلي ما دمتُ على ذلك الحد من الكفاف. والسعادة والشقاء كالحق والباطل، كلها من قِبَل الذات، لا من قبل الأسباب والعلل، فمن جاراها سَعِد بها، ومن عكسها عن مجراها فبها يشقَى.”
“النوم والقدر والموت كالشئ الواحد ، أو ثلاثتها أجزاء لشئ واحد.فالنوم غفلة تخرج الحي هنيهة من الحياة وهو فيها على حالة أخرى ، والموت غفلة تخرجه من الحياة كلها إلى حالة أخرى، والقدر منزلة بين المنزلتين ، يقع هنيا على أهل السعادة بأسلوب النوم ، ويجئ لأهل الشقاء عنيفا في أسلوب الموت !ولن يجلب شيئا أو يدفع عن نفسه شيئا من هذه الثلاثة ، إلا الذي لم يخلق على الأرض”
“وما تخطئ المرأة في شيء خطأها في محاولة تبديل طبيعتها وجعلها إيجابية، وانتحالها صفات الإيجاب، وتمردها على صفات السلب، كما يقع لعهدنا؛ فإن هذا لن يتم للمرأة، ولن يكون منه إلا أن تعتبر هذه المرأة نقائض أخلاقها من أخلاقها، كما نرى في أوروبا، وفي الشرق من أثر أوروبا؛ فمن هذا تلقي الفتاة حياءها وتبذؤ وتفحش، إن لم يكن بالألفاظ والمعاني جميعًا فبالمعاني وحدها، وإن لم يكن بهذه ولا بتلك فبالفكر في هذه وتلك، وكانت الاستجابة لهذا ما فشا من الروايات الساقطة، والمجلات العارية؛ فإن هذه وهذه ليست شيئًا إلا أن تكون عِلْم الفكر الساقط.”
“سأكتبُ هذه الكلمات المرتعشة ، وسأبسط رعدة قلبي في ألفاظها ومعانيها ، أكتب عن (..) ذلك الاسم الذي كان سنة كاملة من عمر هذا القلب ، على حين أن السعادة قد تكون لحظات من هذا العمر الذي لا يعدّ بالسنين ولكن بالعواطف ، فلا يسعني لا أن أرد خواطري إلى القلب لتنصبغَ في الدم قبل أن تنصبغ في الحبر ثم تخرج إلى الدنيا من هناك بل ما يخفق وما يزفر وما يئنّ . " من هناك" ! آه . من ترى في الناس يعرف معنى هذه الكلمة ويتسع فكرهُ لهذا الظرف المكاني الذي أشير إليه ؟ إنّ العقل ليمد أكنافه على السموات فيسعها خيالا كما ترى بعينيك في ماء الغدير شبكة السماء كلها محبوكة من خيوط الضوء ، مفصّلة بعقد النجوم . ولكن هناك ؛ في القلب ؛ عند ملتقى سر الحياة وسر محييها ؛ في القلب ؛ عند النقطة التي يتقطع فيها الطرف بينكَ وبين من تحب ، حين تريد الجميلة أن تقول لك أول مرة أحبك ؛ ولا تقولها . هناك ؛ في القلب ؛ وعند موضع الهوى الذي ينشعب فيه خيط من نظرك وخيط من نظرها فيلتبسان فتكوّن منهما عقدة من أصعب وأشد عقد الحياة . هناك ؟ هذا معنى "هناك " .”
“ألا ما أشبه الإنسان في الحياة بالسفينة في أمواج هذا البحر!إن ارتفعت السفينة، أو انخفضت، أو مادت، فليس ذلك منها وحدها، بل مما حولها.ولن تستطيع هذه السفينة أن تملك من قانون ما حولها شيئًا، ولكن قانونها هي الثبات، والتوازن، والاهتداء إلى قصدها، ونجاتها في قانونها.فلا يَعْتبَنَّ الإنسان على الدنيا وأحكامها، ولكن فليجتهد أن يحكم نفسه.”