“أكبر ، وأنت معي ، أقول لك بنزق : " أشعر بالفراغ "فتقول بهدوء : " اكتبي " ؛ فأحس أن ليس هناك ما هو أكثر أماًنا من أن تعرفنيإلى هذا الحد و أن تكون معي .”
“إنني أكبر وأميل إلى الصمت أكثر فأكثر صارت تمرضني فكرة الكلام كلها لم يكن الكلام سلواي في يوم من الأيام وقد عرفت مبكرة أن بإمكاني أن أحيا أياما طويلةدون أن أقول شيئا ودون أن أشعر بأن شيئا ما ينقصني”
“إنني أكبر ، و أنت معي . ظننت كثيرا أنَّني سأقطع هذا الدرب وحيدة ، وأعددت نفسي لذلك ؛ لكنك جئت في اللحظة التي ناسبت مجيئك . لم أنتظرك ، ولم تتوّقعني ، وقد تقاطع دربانا في اللحظة التي ُقدر لهما أن يتقاطعا فيها فأفضيا إلى درب واحد ، نمضي فيه معا .”
“إنني أكبر وتكبر معي صداقاتي، يكبر بعضها كي يبقى، فيما يكبر قليل منها كي يذبل، لكن بم أشعر عندما تذبل صداقة قديمة أمام عينيّ، دون أن يكون لدي ما أفعله أو أقوله؟! بمَ أشعر حين أراها تتحلل يومًا بعد يوم، ليس بسبب سوء أحد أو شيء، بل لأنها لم تعد تملك ما يبقيها لأمد طويل؟! لقد كبرتْ إلى الحد الذي ينبغي معه أن تموت، ونضجت إلى الحد الذي بدأت تتغضن معه، واستوت على عرشها إلى الحد الذي لم يعد يمكنها معه أن تنحني كي تمر عليها الأيام المليئة بانشغالاتي ومللي وشكي وخيباتي،،،أحيانًا تبدو لعيني كملكٍ مخلوع يجلس كل يوم على كرسيه، ولا يفكر في شيء سوى أنه الملك، ولا يرى شيئًا سوى أنه الملك، رغم أن الحياة كل الحياة قد تغيَّرت، ولم يعد يحكمها ـ في داخلي على الأقل ـ ملوك أو حفاة، لم يعد يحكمها سوى الشك المتواصل، والرغبة الممضة ـ التي لا يفهمها إلا القلة ـ بالنأي عن كل شيء والاكتفاء بالصمت.”
“أنني أكبر، وهشاشتي كذلك تكبر معي”
“إنني أكبر ، وتكبر معي أشياء كثيرة أولها : الألم . كلما كبرت صار الألم أكبر ، وأبطأ رحيلاً !ظننت مرات أني موعودة بالألم ، وحاولت أن أفهم لم كان علي أن أكبر في ظله ،لكنني أدركت فيما بعد أن الألم شرط إنساني ، وأن مامن إنسان إلا وهو مخلوق في كبد ، وسينال حظه من الألم ،كبر ـ ذلك النصيب ـ أم صغر ، وأن حظي ـ ياللأسى ـ سيكون دائمًا كبيرًا ; لأن قدر الواعيأن يألم مرتين : مرة لأنه يعي ، والأخرى لأنه وحيد ! وأغرب ما أدركته أنني ـ رغم ألمي ـفإني لا أرغب في أن أستبدل حياةً أخرى بحياتي .”
“إنني أكبر وأميل إلى الصمت أكثر فأكثر، صارت تمرضني فكرة الكلام كلها، لم يكن الكلام سلواي في يوم من الأيام، وقد عرفت مبكرة أن بإمكاني أن أحيا أيامًا طويلة دون أن أقول شيئًا، ودون أن أشعر بأن شيئًا ما ينقصني، إن الصمت نعمة هائلة مسلوبة منَّا. أحيانًا عندما أستيقظ من النوم ثم أطفئ المكيف أغمض عينيّ وأستسلم لصمت غرفتي، وأشعر كما لو كنت لم أعِ بعد، أشعر كما لو كنت أسبح في محيط من عماء أبدي، حيث لا شيء يرف حولي غير الماء ومن فوقه العرش. أفكر في أننا نولد من الصمت ونؤول إلى صمت لكننا لا نفهم إلا متأخرين أن ضجيجنا وصخبنا ليس أكثر من رفة جناحٍ عابرة، وأنا ما عادت تغريني رفة الجناح! ما عدت أريد غير الصمت، الصمت الذي ربضت في كنفه الخليقة دهورًا قبل أن يخلق الله آدم وحواء، الصمت الذي تسبح فيه دون قلق كل الأرواح التي انعتقت من قيد أجسادها فغدت خفيفة لينة غير عابئة بأن تُرى أو تُجرح أو تمرض أو تعذب أو تحترق أو تهان، تمضي حرة موقنة بأنها لم تعد قابلة لأن تُمس! ولم يعد ثمَّ ما يجعلها عرضة للألم.تلاشى الجسد وانطلقت هي إلى صمتها القديم، إلى جنةٍ غادرتها وتعذبت طويلاً قبل أن تعود إليها”