“والذين من طبعهم الكبح الهادئ هم الذين يشعرون برغبة في الاندفاع ولكنهم لا يخشون شيئا خشيتهم أن يؤدي بهم الاندفاع إلى الخطأ أو الخطيئة. وهم الذين يعنيهم الحلال والحرام. وفيهم تقوم الاخلاق الدينية ومن ذلك مانراه في الوصايا العشر فان سبعا منها تدعوا إلى الكبح الهادئ من حيث هي نواة عن الاندفاع, هذا الكبح الهادئ يجمع بين الحياة النافعة والخلق القويم وتراه على خير وجه في أهل الثقافة الدينية وخاصة ديانات الشرق الادنى”
“إذا بحثنا أعماق النفوس وجدناها أربعة أنواع, فهي إما أن يكون اصل طبعها الهدوء التام أو الكبح الهادئ اوالاندفاع المتزن أو الاندفاع العنيف. والجماعات التي تقوم على تشابه أفرادها في هذه الطبائع هي الجماعات السوية التي قد يتحقق بها خير الانسانية في تطورها الحديث”
“والذين من طبعهم الاندفاع المتزن هم الذين يحبون أن يعملوا ويودون أن تكون حياتهم ملأى بما يثير الرضا في نفوسهم والاعجاب من حولهم. يحبون الجديد في غير إسراف وشطط يشتاقون إليه في غير ملل أو ضيق أو كره شديد للقديم. ولا تراهم يفضلون كل جديد وإن كان قبيحا على كل قديم وإن كان حسنا.وهم كثيرون في كل زمان ويمثلهم خير تمثيل أهل الثقافات الكلاسيكية في الأمم العريقة وخاصة أوج مجدها الثقافي .”
“والذين من طبعهم الاندفاع القوي هم الذين يريدون كل يوم جديدا. واخص صفاتهم الملل ولايعنيهم أن يكون الجديد الذي يرغبون فيه أدنى من القديم الذي ينبذونه. هذه ضفة العصر الحديث”
“الذين من طبعهم الهدوء التام لا يضطربون للاحداث الطارئة.ولايعنيهم أم يجدوا في حياتهم كل يوم جديدا.وليس من صفاتهم الملل الكثير. هؤلاء هم المحافظون بطبعهم. حياتهم مستقرة نفسا وخلقا ولاتعتريهم نزعة قوية إلى تغيير حياتهم ولا تضيق نفوسهم بهذا الاستقرار. هؤلاء تغلب عليهم الحكمة وسداد الرأي ودماثة الخلق وحسن الجوار. وهم الأكثرون في كل عصر ويغلب على أهل الشرق الأقصى هذا الطبع خاصة”
“الجماعة اقدر علي الاندفاع منها علي التعقل واقدر علي التمادي في الباطل منها علي الرجوع الي الحق”
“إن كانت الخطيئة خروجاً عن حدود الله فلله وحده أن يعاقب عليها ، وليس لخاطيء أن يقتل خاطئاً مثله وإن اختلفت درجات الخطيئة ، إنما يكون ذلك للمعصومين من الخطيئة ولهم وحدهم أن يحكموا على الناس . و من منا يدعى لنفسه العصمة؟! ، ومن يفعل ذلك فإنه يُعد معتديا على حق الله إذ يبيح لنفسه أن يعاقب على ذنوب علمها عند الله وحده وهو مرتكب لكثير منها ! إنما يجب على الإنسان أن يترك عباد الله له سبحانه وتعالى يعاقبهم على الذنوب بقدرته وعلمه الواسع ، فهو على ذلك قادر دون حاجة إلى أي فرد منا لتنفيذإرادته .والناس يخلطون بين ما هو مخالف للدين وما هو مخالف للنظام .أما ما يخالف الدين فأمر الجزاء فيه إلى الله ، وأما ما يخالف النظام فأمر العقاب فيه إلى الناس ،على أن يكون العقاب باسم النظام لا باسم الدين .و الذين يدعمون النظام بالدين يخطئون في حق الدين فإن النظام من عمل الإنسان وهو ناقص ومؤقت وخاضع للتطور ،ولا يجوز ذلك على الدين . ثم إن النواهي الاجتماعية يجب أن تظل عملا إنسانيا خالصا يحميه الإنسان وليس من العدل أن نستتر وراء الدين لحماية النظام كما يفعل أكثر الذين يقسون في عقاب الخاطئين وما بهم من غضب للدين و لكنه حماية لنظام كله من عمل الإنسان ، وقد يكون خطأ أو صوابا .”