“ لقد دأب كثير من الأنثروبولوجيين على الكلام عن الأنثروبولوجيا التطبيقية بنفس اللهجة التي يتكلم الناس بها عن الطب التطبيقي مثلا والهندسة . وهم يعتبرون الأنثروبولوجيا علما طبيعيا يهدف إلى إقامة قوانين عامة عن الحياة الاجتماعية وأنه بمجرد الوصول إلى هذه التعميمات النظرية يصبح من السهل الميسور إقامة علم تطبيقي .هذا العنصر المعياري في الأنثربولوجيا هو في الحقيقة جزء من تراثها الفلسفي الذي كان سائدا في الماضي ، ومثله في ذلك مثل مفهومي القانون الطبيعي والتقدم اللذين يعتمد عليهما إلى حد كبير ”
“فلنبتهل إلى الله في أن يبرئنا من علة الكلام الكثير ، فلعلنا إن برئنا من هذه العلة أن نجد العزاء عن آلامنا وكوارثنا ، في العمل الذي يزيل الآلام ، ويمحو الكوارث ، ويجلي الغمرات”
“إلى المستقبل أو الماضي , إلى الزمن الذي يكون فيه الفكر حراً طليقاً , إلى زمن يختلف فيه الأشخاص عن بعضهم البعض ولا يعيش كل منهم في عزلة عن الآخر وإلى زمن تظل الحقيقة فيه قائمة ولا يمكن لأحد أم يمحو ما ينتجه الآخرون . وإليكم , من هذا العصر الذي يعيش فيه الناس متشابهين , متناسخين , لا يختلف الواحد منهم عن الآخر . من عصر العزلة , من عصر الأخ الكبير . من عصر التفكير المزدوج , تحياتي ! "شعر آنذاك كأنه في عالم الأموات , وبدا له أنه في هذه اللحظة فقط , لحظة بات فيها قادرا على صياغة أفكاره , قد اتخذ الخطوة الحاسمة . إن عواقب كل عمل تكمن في العمل نفسه , وكتب :"إن جريمة الفكر لا تفضي إلى الموت , إنها الموت نفسه !”
“(وناغازاكي؟؟!) (آه , ناغازاكي . أتذكر أنني عندما كنت في مثل سنك تقريباً , ربما أصغر بقليل , اغتال الطالب برنسيب في سراييفو , الأرشيدوق فرانسيسكو فرناندو وزوجته , متسبباً بذلك , وبطلقتي رصاص فقط , في اندلاع الحرب العالمية الأولى . ذلك الحدث جعلني أحس أنني فارغ , غائب , بعيد عن العالم , عن التاريخ , عن المستقبل . وتولد لدي انطباع بأن القرارات الخطيرة لا بد سيتخذها آخرون , وبأنني سأبقى على الهامش , وأن فرصتي الوحيدة ( لا تنس أني كنت وقتئذ عداءً) هي أن أركض في ميدان السباق الذي خصصه لي آخرون .وبعد ذلك تمر الأعوام ويتعلم الإنسان أن الأمور ليست جامدة إلى هذه الدرجة , وأن هناك دائماً ثمة جزء من القرار يكون هو المسؤول عنه وأنه لا يمكن أن يتخلص بسهولة من هذا الالتزام . وعندما تتوصل أخيراً إلى استنتاج أن العالم كبير وأن عالمك أنت صغير جداً , حينئذ تبدأ استعادة التوازن , ذاك القليل من التوازن الذي كان نصيبنا في القسمة والذي يجب ألا نبدده )”
“عندما تصير (اللذة) مبدءاً أساسياً في الحياة، وعندما تفسر كل الدوافع، وكل الحوافز، وكل الأفعال، بناء على اللذة والمتعة الحسية بالتحديد.. فالأمر يخرج عن الطبيعي.. إلى ما هو (غير طبيعي)..وعندما يتحول الأمر من الأفراد (المتفلتين) من عقال سيطرتهم على شهواتهم، ليصير سلوكاً اجتماعياً محبباً ونمطاً من الحياة يلاقي الترويج والتشجيع، فإن الأمر مختلف.. كل الحضارات، على اختلاف هوياتها ومنظومات قيمها، تواجه انهياراً أخلاقياً في أواخر أيامها، تعاني من التفسخ والفساد والترف كونه جزءاً من دورة حياتها الحضارية (...) لكن الفرق بين ما نراه اليوم في الفردوس المستعار، وما كان ظاهرة عامة هو أن التحلل الأخلاقي كان مصاحباً لانهيار الحضارات، أي أنه كان عرضاً متأخراً لسرطان مدمر في مراحله المتقدمة.أما في حضارة الفردوس المستعار، فالتحلل لا علاقة له بانهيار الحضارة، إنه جزء من الحضارة نفسها بالمفهوم الأمريكي، إنه نوع من نمط الحياة. (...)هذه المرة، هذا التحلل هو هدف مستقل بحد ذاته، إنه ليس ناتجاً ثانوياً، بل هو شعار الحياة نفسها: المتعة واللذة، والاستمتاع بالحواس وإرضاؤها إلى أقصى حد متخيل .. الآن وهنا ..”
“قد يلجأ المرء لاكتساب هذا الشعور أو تأكيده إلى ارتكاب كثير من الصغائر، فكثير جدًا من ميلنا إلى التقليل من شأن الآخرين، بما في ذلك الإمعان في انتقاد الناس من وراء ظهورهم، والمبالغة في تضخيم أخطائهم الصغيرة، والتغاضي عن حسناتهم، والميل إلى رؤية عيوب الآخرين بدلًا من حسناتهم، كل هذا يؤكد لنا شعورنا بأننا "ذو قيمة"، وذلك عندما يعز علينا أن نكتسب هذا الشعور من أي طريق آخر غير التقليل من قيمة الآخرين.”