“الجدة: أتأخذون الأطفال معكم؟الجد: نعم.الحبلى: إذاً لماذا لا تأخذونھم في أكیاس؟الجد: فعلاً ھذا ما أفكر فیھ.المشوه: إن منظرھم داخل أكیاس ، أو أي شيء لعین آخر، سیجعل الحجر یبكي ویلطم خدیھ.مجھول: الحجر، ولیس البشر.الحبلى: بل لماذا لا تأخذون أیضاً بعض التراب الیابس أو القشّ الجاف، أو بعض السعال أیضاً فيأكیاس من الورق، لعرضھا ھناك على الطاولات؟ آه لم یعد ھناك من كرامة. إنكم تنقلون أسانا كما تنقلالریح أغنیة. انظروا، ھا ھو طفلي یسعل كشیخ في السبعین . (تنظف لھ أنفھ بطرف فستانھا) إن مُنَقّبآثار لا یجد فتحةَ أنفھ.الجدة: بل أصبح لھ ثلاثة ثقوب كما أظن.الحبلى: آه إنني لا أعرف ورَبّ الكعبة كیف یتنفس، ولماذا یتنفس، بمثل ھذه الكتلة الصغیرة من اللحموالغبار.مجھول: ولماذا یتنفس؟ إن الأطفال الحقیقیین شيء آخر، یختلفون عن ھؤلاء اختلاف اللیل عن النھار.لقد رأیت بعضھم ذات یوم في مدینة مجھولة، یلعبون في حدیقة ورود، نظیفین وناعمین لدرجة انكتشتھي أكلھم بالخبز.”
“فحتى لو رأيت المشيعين والموقعين بأم عيني يمسحون حبر التواقيع عن بصماتهم بالجدران وثياب المارة. ولو انتشرت سياط التعذيب على حدود الوطن العربي كحبال الغسيل. وعلقت المعتقلات في زوايا الشوارع والمنعطفات كصناديق البريد. وسالت دمائي ودموعي من مجارير الأمم المتحدة.فلن أنسى ذرة من تراب فلسطين، أو حرفاً من حروفها، لا لأسباب نضالية ووطنية وتاريخية بل لأسباب لاتزال سراً من أسرار هذا الكون كإخفاقات الحب الأول! كبكاء الاطفال الرضع عند الغروب.لقد رتبت حياتي وكتبي وسريري وحقائبي منذ أيام الطفولة حتى الآن، على هذا الأساس. فكيف أتخلى عن كل شيء مقابل لا شيء. ثم إنني لم أغفر ضربة سوط من أجل الكونغو .. فكيف من أجل فلسطين؟ولذلك سأدافع عن حقدي وغضبي ودموعي بالأسنان والمخالب.سأجوع عن كل فقير، وسأسجن عن كل ثائر، وأتوسل عن كل مظلوم، وأهرب إلى الجبال عن كل مطارد، وأنام في الشوارع عن كل غريب . . لأن إسرائيل لا تخاف ضحكاتنا بل دموعنا. وقد يكون هذا زمن التشييع والتطبيع والتركيع، زمن الأرقام لا الاوهام والأحلام ولكنه ليس زماني. سأمحو ركبتي بالممحاة، سآكلهما حتى لا أجثو لعصر أو تيار أو مرحلة. ثم أنا الذي لم أركع وأنا في الابتدائية أمام جدار من أجل جدول الضرب وأنا على خطأ. فهل أركع أمام العالم أجمع بعد هذه السنين وأنا على حق؟”
“المندوب: أیها الشعب الكریم، أیها الشعب الكریم:لقد سمعنا من بعض الطلبة العائدین من العطل المدرسیة أ، بعض العجائز والكهول الساخطین هناوهناك یتذمرون ویشیعون أن سلطتنا لا تولیهم الاهتمام الكافي ولا تعرف شیئاً عن حقولهم الیابسةوطیورهم الجائعة. إن السلطة، مع نفیها المطلق لمثل هذا الشعور الزريّ، تعلن أن السماء وحدها تتكفلبمثل هذه المخلوقات التافهة، لأن السلطة لیست زرافة لتمد رأسها من النافذة كلما سعل شیخٌ أو بكىطائر وهاجر آخر: لأن العشب والطیور أشیاءٌ تافهة یمكن إزالتها كشعر الذقن دون أن یحدث أي رد فعلفي سیاستنا العلیا ثم لا یحق، من جهة أخرى، لبضعة أشخاص طیبین أو مقهورین أن یتحدثوا فيالأزقة وحول المواقد بما یشبه العویل والنواح، من أجل سحابةٍ لا تمطر أو ابن ذهب ولم یعدْ أو ساقیةتهرُّ كالكلب منذ أجیال. لا یحق لھم ذلك أبداً ، وخناجر أبنائهم تملأ المستودعات، وقتلاھم مازالوایقطرون دماً في ساحات المدارس.”
“ما الفائدة من أن تكون قادراً على كتابة أي شيء في هذا العالم, ولست قادراً على تغيير أي شيء في هذا العالم .”
“إن ما يحز في النفس الإعراض عن اقتناء الكتب بل وحتى عن استعارتها من المكتبات العامة أو الخيرية، وربما يبقى الوقف معطلا لا يستفاد منه بسبب هذا الإعراض!”
“هل يمكن يا حبيبتي أن يقتلني هؤلاء العرب إذا عرفوا في يوم من الأيام أنني لا أحب إلا الشعر و الموسيقى ، و لا أتأمل إلا القمر و الغيوم الهاربة في كل اتجاه .أو أنني كلما استمعت إلى السيمفونية التاسعة لبتهوفن أخرج حافيا إلى الطرقات و أعانق المارة و دموع الفرح تفيض من عيني.أو أنني كلما قرأت " المركب السكران" لرامبو ، اندفع لألقي بكل ما على مائدتي من طعام ، و ما في خزانتي من ثياب ، و ما في جيوبي من نقود و أوراق ثبوتية من النافذة .نعم فكل شيء ممكن و محتمل و متوقع من المحيط إلى الخليج”
“لقد كان ذلك الشاب الرائع عبد الله بن عباس أرحب أفقا منا عندما قال: (ليس في الدنيا من الجنة شيء إلا الأسماء).. لكن ماذا عن الأطفال.. زينة الحياة وأجمل ما في الدنيا..؟الحمل والولادة لا تستغرقان سوى دقائق، ودون معاناة أو نفاس أو وحام أو نزيف دم أو آلام (إذا أراد المؤمن الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة كما يشتهي) أطفال كالنعيم، لا يتقيأون ولا يمرضون ولا يحتاجون للحفائظ ولا تصيبهم الحمى أو الأمراض التي تصيب أطفال الدنيا.. أطفال يشعون براءة وجمالا وعطرا، ويجعلون الجنة أكثر نعيما، إن عند الله ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على خيال إنسان مهما كان مبدعًا.”