“أن الله سبحانه وتعالى قد بعث لك الدين كاملاً وأقام لك على أصوله من الأدلة أقصى ما يمكن الوصول إليه بوسائل هذا العقل، فإن جاش في صدرك بعدها شيءٌ فذلك من ذبذبة النفس واضطرابها بتسلّط قوة من قوى الشيطان عليها، فلا تبحث عن دوائه في الفلسفة، فليس فيها وراء برهان الله مرمى، بل ابحث عنه في القرآن ذاته تجد دواءك فيه بالنص الصريح، "وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ، وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ"، .. هذا طريق مداواة الشكوك والشبه، وما سلك طريق الفلسفة شاكٍ إلا وازداد عماية في شكوكه وتوغلاً في شبهه، ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور، ولهذا السبب استاء أئمتنا الكرام في عهد المأمون من دخول الفلسفة اليونانية إلى معاهدهم العلمية، فقد رأوا، رضي الله عنهم، الخطرَ وهو بعيد، ولكن لم يغن استياؤهم شيئًا، فجاءت الفلسفة بخيالاتها وخرافاتها لابسة ثوبًا منطقيًا جدليًا فتانًا، فهام بها الناس ومزجوها بالدين، فأصبح دينهم فلسفة خيالية فصار مثلها عرضةً للأخذ والرد والشبه والشكوك والقوة والضعف، ولم يزل الحال هكذا حتى ضعف أمر الدين بضعف أهله”
“ ومن ثم عشت - في ظلال القرآن - هادئ النفس ، مطمئن السريرة ، قرير الضمير . . عشت أرى يد الله في كل حادث وفي كل أمر . عشت في كنف الله وفي رعايته . عشت أستشعر إيجابية صفاته تعالى وفاعليتها . . أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ؟ . . وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير . . والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون . . واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه . . فعال لما يريد . . ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه . إن الله بالغ أمره . . ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها . . أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه . . ومن يهن الله فما له من مكرم . . ومن يضلل الله فما له من هاد ”
“ولما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعا من جهاد العبد نفسه في ذات الله، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر ما نهى الله ورسوله عنه" : كان جهاد النفس مقدما على جهاد العدو في الخارج، وأصلا له، فإنه ما لم يجاهد نفسه أولا لتفعل ما أمرت به، وتترك ما نُهيت عنه، ويحاربها الله: لم يمكنه جهاد عدوه في الخارج، فكيف يمكنه جهاد عدوه والانتصاف منه، وعدوه الذي بين جنبيه قاهر له، متسلط عليه، لم يجاهده، ولم يحاربه في الله؟ بل لايمكنه الخروج إلى عدوه، حتى يجاهد نفسه على الخروج.”
“يتساءل كثيرون في عصر العولمة عن حدود الثابت والمتغير , ولعل آنوار هذا الأسم (الحق) العظيم ودلالاته تكشف ظلماء هذا الأمر وتُجلي عمايته , ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور”
“هنا في الثقافة العربية الإسلامية يطلب من العقل أن يتأمل الطبيعة ليتوصل إلى خالقها : الله. وهناك في الثقافة اليونانية - الأوروبية يتخذ العقل من الله وسيلة لفهم الطبيعة أو على الأقل ضامناً لصحة فهمه لها. هذا إذا لم يستغن عنه بالمرة, أو لم يوحد بينهما.”
“من الذي ولد وفي يده قطعة من الذهب؟ ومن الذي مات وفي يده تحويل على الآخرة؟ لقد وسعت الخرافات كل شيء إلا هذا.. فما لنا نتـّـحـِـد في البدء والنهاية ثم نختلف في الوسط.. ذلك لأن بدءنا من طريق الله ونهايتنا في طريق الله.. ولكن الوسط مدرجة بيوتنا ومصنعنا وحوانيتنا..وبكلمة واحدة هو طريق بعضنا إلى بعض”