“أترى يا قلبي أن هذا القمر، تليسكوب يكبر صورة العواطف حين تبث في ضوئه فلا يطلع على الحبيبين أبداً إلا كبر أحدهما في عين الآخر”
“وكل حبيبة وصاحبها كالوثن وعابده : في أحدهما الحقائق كلها ما دام في الآخر الوهم كله !.”
“لعل عين الإنسان ملئت بالدموع من أصل الفطرة لتكون منها خنادق مستفيضة حول الروح فلا يقتحمها الفكر و لا يُرى أبداً إلا ظاهرها”
“أترى يا قلبي كأن مدينة الحياة في النهار بصراعها وهمومها تحتاج إلى قفر طبيعي يفر إليه أهل القلوب الرقيقة بضع ساعات، فلذلك يخلق لهم القمر صحراء واسعة من الضوء يجدون فيها بعد تلك المادية الجياشة المصطخبة، روحانية الكون وروح العزلة وسكينة الضمير ويبدو فيها كل ما يقع عليه النور كأنه حي ساكن بفكر”
“ما زلت منذ وعيت كأنما أفرغ في قلبي هذا قلوب الناس بتوجعي لهم، وحناني عليهم، وكأنما أعيش في هذه الأرض عيش من وضع رجلا في الدنيا و رجلا في الآخرة، أحفظ الله في خلقه لأني أحفظ في نفسي الرحمة لهم وإن كان فيهم من يشبه في التلفف على على دواهيه بابا مقفلا على مغارة مظلمة في ليل دامس. وأتقي طائلة قلوبهم وألبسهم على تفصيلهم، قصارا أو طوالا كما خرجوا من شقي المقص المجتمعين من الليل والنهارتحت مسمار الشمس، وأصدرهم من نفسي مصدرا واحدالأني أعلم أن ميزان الله الذي يشيل و يرجح بالخفيف و الثقيل ليس في يدي، فلا أستخف ولا أستثقل. و أعرف أن الفضيلة ليست شيئا في نفسها ، بل بالإعتبار، فلا أدري إن كانت عند الله في فلان الذي يحقر الناس أو قلان الذي يحقره الناس. وليس من طبعي أن أتصفح على الخلق، فإن من وضع نفسه هذا الموضع هلك بالناس ولا يحيون به.”
“وأنت لا ترى أسعد الناس و أهنأهم بسعادته إلا ذلك الذي يُجمع قلبه وعقله أن لا يصدر أحدهما عن الآخر إلا راضيًا مرضيًا فترى في آثار عقله طهارة القلب وإيمانه ، وفي آثار قلبه إجادة العقل وإحسانه : ولو كُشف لك عن بواطن الأنبياء لتجلّت لعينيك هذه الحقيقة ماثلة .”
“ما أشد على قلبي المتألم أن لا يأخذ بصري من الناس إلا من يتدحرج في نفسي ليهوي منها أو يتقلب في أجفاني ليثقل على عيني وأحاول أن أرى تلك الطلعة الفاتنة التي انطوى عليها القلب فانبعث نورها في حواشيه المظلمة, وأن أملأ عيني من قمر هذا الشعاع الذي جعل السماء في جانب من الصدر؛ فإذا ما شئت من الوجوه إلا وجه الحب, وإذا في مطلع البدر من رقعة سوداء لا تبلغ مد ذراع ويغشى الكون كله منها ما يغشى.. فاللهم أوسع لقلبي سعةً يلوذ بها..”